بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، يوليو 14، 2011

تصوير المحاكمات .. و ملاحظات قبل أن يتحول إلى فوضى


    في أكتوبر 2010 صدر قرار مجلس القضاء الأعلى بمنع التصوير داخل المحاكم .
 
بصرف النظر عن السبب الحقيقي لهذا القرار و توقيته إلا أن الكثيرين يدركون أن له من الأسباب ما يبرره ؛ فالفوضى التي كانت تحدث أثناء المحاكمات من تدافع المصورين لأخذ لقطات أوضح و أقرب ما يستطيعون و هرولة مراسلي القنوات الفضائية لتحقيق ما يعتبرونه سبقاً - مع تحفظي شخصياً على فكرة السبق هذه - كل هذا يجعل القرار الذي اتخذه المجلس برئاسة المستشار الدكتور سري صيام مقبولاً تماماً . خصوصاً إذا عرفنا أن رئيس المجلس الذي انتخب في منصبه قبل القرار ببضعة شهور فقط هو مؤلف كتابين يتناولان حماية حقوق المتهم الإجرائية .
  عندما صدر قرار الحظر أذكر أن الكثيرين أيدوه بما في ذلك العاملون في مجال الجمع الإخباري الذين يطالهم المنع من دخول المحاكم ، و اعتبرناه قراراً صائباً يصب في مصلحة إقرار العدالة و تحقيق رقيٍّ و تحضرٍ فاتانا دهراً .
  و مع ذلك تعجبنا حينها لوجود ثغرات لا داعي لها في القرار من شأنها تحجيم قيمته بل و الإساءة إليه ؛ فما معنى السماح للصحفيين بحضور الجلسات و إتاحة الكتابة و الحديث عنها في وسائل الإعلام ؟!
 ألا يفتح ذلك مجالاً لكل من يرغب في التلاعب أو التلفيق في الأحداث ، و في كل الأحوال لا مجال لإثبات صحة أو عدم صحة الأخبار و الأقوال و هو ما يجعلها غير ذات قيمة و في نفس الوقت يستخدمها من يشاء في تحريك الرأي العام لمصلحةٍ أو مؤامرة ما .
  تساؤلات لابد أن تحضر لأذهاننا اليوم و نحن نطالب ببث محاكمات رموز النظام السابق و زبانيته على الملأ لأن تلك القضايا تشغل و تهم كل الشعب المصري الذي يعتبر طرفاً في القضية . هنا لا بد للجميع من التفريق بين عدة مصطلحات لفهم الآراء و القرارات التي تصدر علينا كل يوم ؛ فهناك فرق شاسع بين " علانية الجلسات " و " " تصوير الجلسات " و " التصوير داخل المحاكم "و " البث المباشر للمحاكمات" .
  أولاً الجلسات المصورة و التي يتم بثها هي علانية بطبيعة الحال ، أما إذا أردنا جعل الجلسات علانية بالمفهوم العام من السماح للأفراد و الصحفيين حضور الجلسات . علينا أن نتصور قاعة المحاكمة و هي تضم رجلاً أو امرأة مكلوميْنِ بفقد ابنهما أو ابنتهما و في نفس الوقت يواجهان متهماً يرون أنه السبب في غياب فلذة كبدهما عن الحياة !!
هل سنكون بصدد حالة إقرار للعدل أم حلبة للثأر تغيب فيها العقلانية و تضيع الحقوق ؟!
  إذاً ، لا بد من استثناء هذا الخيار تماماً و نجيء للخيار الثاني و هو السماح بالتصوير داخل المحاكم ، لكنني من واقع خبرتي أرفض هذا أيضاً لأنني متأكد مما سيحدث من فوضى نحن جديرون بتجنبها ، مع الأخذ في الاعتبار أن مصوري الأخبار لا يصنعون الفوضى لأنهم ليسوا من يضع النظام لكن التواجد و التدافع في ظل عدم وجود الضوابط سيحدث الفوضى دون شك .
  بهذا نجد أمامنا خياران واضحان : تصوير الجلسات و بثها بثاً مباشراً .
تصوير الجلسات ليس أطروحة جديدة لكنه مواكبة لعصر تطورت فيه وسائل التوثيق بشكل هائل و لا زالت المحاكم تعتمد على كاتب المحكمة الذي يسجل بقلمه وقائع المحاكمات و يحاول اللحاق بكل ما يقال فتأتي وثائقه بخط مرتبك غير مقروء و أسلوب ركيك غير مفهوم تسبب على مدى عشرات السنين في ضياع الحقوق و استغل في تحوير الحقائق و تغيير الأقوال ليفلت من المجرمين من يفلت و تلحق الإدانة بأبرياء .
  إذاً ، فالتوثيق الفيديوي للجلسات ضرورة دائمة و بديلاً مستمراً للتوثيق الكتابي ، ذلك ليس حلاً آنياً بل وسيلة جديدة جيدة للتوثيق أرى من الواجب تفعيلها في كل المحاكم و غرف التحقيق في النيابات و أقسام الشرطة تضمن للمتهم حقوقه و تؤمن عدم التلاعب من قبل البعض بالاعترافات و مسار التحقيقات . و من الممكن أيضاً توفير هذه التسجيلات للصحفيين سواء التابعين للصحف أو قنوات التليفزيون أو حتى الصحفيين المستقلين مع الأخذ في الاعتبار رأي القاضي و حقوق المتهم و بذلك نكون تجنبنا من جهة حدوث فوضى الفضائيات في المحاكم ، و في نفس الوقت نضع الضوابط التي تؤمن العدالة للجميع بما في ذلك الحفاظ على سمعة المتهم و ذويه خصوصاً في مجتمع كمجتمعنا رأس مال الناس فيه و ما يحيون به و يقتاتون عليه هو سيرتهم قبل كل شيء .
  أخيراً فيما يخص محاكمات رموز النظام السابق و الذين أصبحوا مثار تساؤلات و تخوفات ، و لأنهم ليسوا كغيرهم فلا يخشى مثلاً من إعلان اتهامهم على سمعتهم لأن الاتهامات معلنة بالفعل و الناس كلهم لا سيرة لهم إلا هذه القضايا كما أن المواطنين جميعاً أطراف في هذه القضايا و ليسوا فقط متفرجين ؛ لا أجد بداً من بث هذه المحاكمات بثاً مباشراً لعموم الناس ، و ما دام لا بد مما لا بد منه أرى وضع ضوابط مسبقة تتيح للجميع المشاركة و في نفس الوقت تسمح للعدالة أن تأخذ مجراها ، و من هذه الضوابط الضرورية من وجهة نظري :
  أولاً : لا بد من قصر العمليات الفنية من تصوير و تقطيع و بث من الموقع على جهة واحدة ، و أعتقد أن الأولى بها أن تكون التليفزيون المصري .
  ثانياً : أن يتم النقل باستخدام على الأقل ست كاميرات أربعة منها تكشف الزوايا الأربعة لمكان التحقيق و اثنتان مركزتان إحداهما على المتهم و الأخرى على قضاة التحقيق على أن يتم النقل بين الكاميرات أثناء البث المباشر بشكل متوازن يضمن كشف كل ما يجري في غرفة التحقيق في كل وقت طوال مدة التحقيق .
      ثالثاً : لا بد أن يشمل مكان التحقيق نافذة سواء مفتوحة أو مغلقة بزجاج شفاف لكشف تطور نور النهار على مدى ساعات التحقيق .
  رابعاً : يتم تسجيل جميع اللقطات المأخوذة من الكاميرات الست بشكل متواصل صوتاً و صورة دون عمل أي قطع سوى عند رفع الجلسة من قبل رئيس المحكمة ، و يتم توفير المادة المسجلة غير الممنتجة للقنوات الفضائية أو الجمعيات الحقوقية و غيرها مع تحديد من يطلب أي مادة فيديوية المدة التي يريدها و زمن التقاطها بالدقيقة و الساعة ( البداية و النهاية) و أيضاً يحدد الكاميرا التي يرغب في الحصول على صورتها سواء من الزوايا الأربعة الكاشفة أم الكاميرتين القريبتين . كما يكون على من يطلب المادة تحديد هدفه من الحصول عليها ، و سداد رسوم يحددها المسئولون عن كل دقيقة لمنع الفوضىي في هذا الشأن .
  خامساً :يقوم التليفزيون المصري بتحديد تردد لبث هذه المواد بشكل متواصل دون قطع الإرسال - إلا لضرورات العطل الهندسي - و إن حدث تعطل لأي سبب خارج يلتزم القائمون ببث الأجزاء أثناء فترات الإنقطاع بعد المحاكمة مباشرة و المسجلة من الكاميرات الست دون قطع بتقسيم الشاشة لعرض جميع اللقطات بالتزامن مع بعضها و بإظهار مؤشر التكويد الرقمي الأصلي على كل لقطة مستقلة . و في حالة القطع الهندسي يلتزم المسئولون بتقديم أي مادة فيديوية ملتقطة أثناء فترات الإنقطاع مجاناً للقنوات التليفزيونية و المراكز الحقوقية و غيرها في حال طلبهم لها و ذلك لنزع الشكوك من النفوس .
  سادساً : يتم السماح لبعض ممثلي المنظمات الحقوقية بحضور الجلسات كمراقبين .
  سابعاً : لا يتواجد داخل القاعة سوى اثنين من المصورين يقومان بضبط جميع الكاميرات قبل بدء المحاكمة ، و عدم الحركة أثناء الجلسات أو تحريك الكاميرات إلا للضرورة القصوى مع عدم وجود وسلة اتصال ( توك باك ) بينهم و بين من يجلس في عربة البث تجنباً للتشويش على أطراف المحاكمة . كما يجب على الطاقم الفني إنهاء جميع تركيباته و التأكد من سلامتها قبل المحاكمة بشكل كاف و إخلاء القاعة و عدم التواجد بها نهائياً بمجرد بدء المحاكمة .
  هذه بعض الملاحظات التي من وجهة نظري تضمن العدالة و الشفافية و في نفس الوقت بصورة متحضرة .



الثلاثاء، يوليو 05، 2011

الفن و التصميم لتغيير صورة الشرطة

 لا أعتقد أن ثمة خلافاً على أن صورة جهاز الشرطة في مصر على أسوأ ما يمكن لها أن تكون .
و هناك الكثير من الآراء التي تتناول الطرق الممكنة لإعادة بناء وزارة الداخلية و قطاعاتها المختلفة بشكل يرضي المكلومين من أسر الشهداء و المصابين و العاملين في جهاز الشرطة و أيضاً جموع الشعب المصري .
هنا يلفت النظر أن البعد النفسي للعلاقة بين المواطنين و عناصر الشرطة لا بد أن يؤخذ في الاعتبار ، و هو البعد الذي طالما أهمل تماماً رغم أهميته ، و من أهم العناصر التي يجب الالتفات إليها لتحقيق التوافق في هذا البعد هي العناصر التشكيلية ( الفنية ) التي تلتقيها عين المواطن فتشكل مفتاح العلاقة بينه و كل ما ينتظره من الشرطي الذي يتعامل معه و في أقسام الشرطة التي يفترض أن تكون ملاذه .
هنا لا بد من ملاحظة أن تغيير شكل الأزياء و ألوانها و ألوان سيارات الشرطة و حتى التخلص من السيارات سيئة السمعة كالسيارة البوكس مثلا ، كل ذلك يشكل المرحلة الأولى التي لا بد من الإسراع بها لكسر الحاجز النفسي بين أطراف العلاقة الأمنية من مواطنٍ و شرطيٍّ و حتى الخارجين على القانون . خصوصاً و التصميمات القديمة كلها تؤكد طبيعة عسكرية لم يعد هناك سبب لاستمرارها ، تسيطر على من يطالعها روح التحفز بدلاً من الرغبة في التعاون ؛ من منا سيتقبل بارتياح أفراد الأمن المركزي بملابسهم السوداء القابضة خصوصاً بعدما ارتبط زيهم هذا بتاريخ أسود من القمع و الجهل و الجهالة حتى لو تم تغيير أسماء القطاع الذي يعملون فيه سيظل العداء تجاههم موروثاً نفسياً لا فرار منه .
أما مراكز و أقسام الشرطة فحدث عنها و لا حرج ، أنا عن نفسي لا شك لدي في أن من يقوم على مهمة إنشائها ليس إلا ضابط شرطة يهوى إنشاء السجون بالتعاون مع مقاول و بعض عمال البناء محدودي المهارة ، و لذلك تراها أقرب إلى محابس القرون الوسطى بأجوائها الكئيبة الخانقة التي تمنع المواطن من الاستعانة بخدماتها أياً ما تكون حتى لو كان نتيجة البعد عنها فقده لبعض - أو كل - حقوقه .
لماذا لا تستعين وزارة الداخلية بأهل العلم و الفن من مصممين و أساتذة تصميم مصريين و هم كثرٌ تستعين بهم جهات عالمية لإنجاز مشروعات ضخمة و رائعة تشهد لهم و يشهد العالم و مع ذلك لا يستعان بخبراتهم في مصر.
هل يتصور أحد ما يمكن أن تكون عليه أقسام الشرطة لو استعنا بهؤلاء لتأسيسها، أليسوا قادرين على إيصال رسالة حضارية إلى كل من يؤم هذه الجهات ، ألا يجدر بتصميم بنايات الشرطة أن تقدم المفاهيم التي يجب أن يتحلى بها هذا الجهاز مثل الشفافية ، ما الذي يحدث لو دخلت قسم شرطة فوجدت وحداته كلها عبارة عن صالة ضخمة تفصل بين أجزائها قواطع لا تحبس من يجلس أو يقف في إحداها ( طبعاً باستثناء أقسام خاصة كمخازن الأسلحة مثلا ً ) ألن يدفع ذلك إحساساً بالأمان إلى قلبك؟ ألن تطمئن على نفسك أن أحداً لن يلفق لك قضية كما كان يحدث في السابق ، بل و حتى لن يهينك دون إحساس بالمسؤلية تجاهك كما كان في الماضي - القريب - أيضاً .
هل يشك أحد في أهمية تصميم مثل تلك الأبنية في تغيير العلاقة بين المواطن و جهاز الشرطة ؟!
لا أعتقد ، و لذلك أتساءل لماذا يهمل دائماً وجه شديد الأهمية كهذا عندما نناقش قضية غاية في الحساسية مثل علاقة الشعب و الشرطة ؟

إعلانات مدمجة

مشاركة مميزة

٣٠ يونيو أخر موعد لإستقبال سيناريوهات مسابقة ممدوح الليثي بالإسكندرية السينمائي

  أعلنت إدارة مهرجان الإسكندرية برئاسة الناقد السينمائي الأمير أباظة في وقت سابق عن فتح باب إستقبال السيناريوهات للمشاركة بمسابقة ممدوح اللي...

سيعجبك أيضاً إن شاء الله