بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، ديسمبر 02، 2013

حسيب عمار و بي بي سي .. تجربة عمل رائعة


حسيب عمار و بي بي سي .. تجربة عمل رائعة
 


طوال سنوات عملي في مجال الأخبار التليفزيونية ، و بعد عملي لصالح العديد من القنوات و الوكالات الإخبارية ؛ لم يبقَ في نفسي إحترامٌ و تقديرٌ و محبةٌ سوى لقليلين جداً من المراسلين الذين عملت معهم تحصيهم أصابعُ يدٍ واحدة  . ذلك ينطبق أيضاً على القنوات التليفزيونية العديدة التي عملت لصالحها و أورثتني  ، أستطيع أن أقول ، حنقاً تجاه هذا المجال الذي كنت أحبه     أسباب موقفي هذا لا مجال لذكرها هنا ، لكنها تختصر في إنعدام الأمانة المهنية و تراجع الإلتزام الأخلاقي تجاه المجتمع الذي يُفترض أن أصحاب هذه المهنة حصلوا على مكانتهم فيه لأنهم يخدمونه لا يساهمون في تضليله و تشويه أفكاره

  لهذه الأسباب نفسها كان امتناني تجاه تجربة عملي القصيرة للقسم الفارسي بهيئة الإذاعة البريطانية و مع شخص رائع هو حسيب عمار الذي تولى تغطية الأحداث في مصر خلال فترة عصيبة ، أشهد أنه حاول خلالها أن يكون أميناً قدر الاستطاعة

  عندما التقيته للمرة الأولى أحسست راحةً تجاه ملامحه الطيبة التي تشبه في كثير ملامح السواد الأعظم من المصريين و إلمامِه الواسع بدقائق الحياة المصرية على خلاف المتوقع من صحفي أجنبي ، أيضاً ابتسامته التي لا تخطئ عينٌ اكتشاف خبث طفولي محبب خلفها ، إنطباعٌ مبدئي جعلني أستبشر خيراً بتجربة العمل معه و أثبتت الأيام حسن ظني ، فيكفي أنني لم ينتَبْني طوال فترة عملي هذه الإحساس الملح بالتقصير المهني و الأخلاقي تجاه المجتمع لأنني رأيته حريصاً على الصدق في تغطية الأحداث ينزل إلى الشارع يسأل الناس عن كل صغيرة و كبيرة ، يعرِّض نفسه لمخاطر كان بإمكانه أن يجنب نفسه ويلاتها لو أنه فقط فعل ما يفعله الآخرون ، فكم من أحداثٍ جسام شاركت في تغطيتها و وجدت المراسلين يغطونها من شرفات الفنادق ، يرتشفون شايهم المُنَعْنَع بينما يتسولون المعلومات من مواقع و أفراد رسميين أو غير رسميين ، منحازين أو غير موثوقين و في النهاية يخْرُجون من فوَّهات القنوات التليفزيونية يعلنون أنهم كانوا في موقع الأحداث و يصفق لهم الجميع ، و ربما منحهم رؤساؤهم - أيضاً - بعضَ المكافآت و الترقيات ، نعم
، سيتساوى الجميع أمام الناس لكن أمام ضمائرهم يظلون صغيرين جداً ، هم وحدهم يدركون حجمهم الحقيقي

  حسيب عمار هذا المراسل الدؤوب المخلص ، و هذا الإنسان الودود الطيب أثبت لي جدارته بإحترامي ، و كان له و للبي بي سي الفضل في استعادتي الثقة في مجال عملي ، في الأخبار التليفزيونية ، بعد أن كدت أوقن أن لا فائدةَ فيه أو منه ترجى ، الآن أصبحت أدرك لماذا استطاعت البي بي سي أن تحافظ على مكانتها في عقول المشاهدين و المستمعين طوال هذه العقود الممتدة ، ذلك لأنهم يحسنون اختيار من يعملون معهم ، ذلك لأنهم يوظفون أشخاصاً مثل حسيب عمار الذي رأيت بعد مغادرته القاهرة إلى لندن أن علي شكره ؛ فمهما طال الأمد حتى ألتقيه مرة أخرى سأظل أذكر تجربة عملي هذه نقطةً مضيئة في حياتي المهنية






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات مدمجة

مشاركة مميزة

ملخص أحداث اليوم الثالث في مهرجان مالمو للفيلم العربي بالسويد

    مالمو 23 نيسان أبريل 2024 تضمن اليوم الثاني من مهرجان مالمو الرابع عشر للسينما العربية (الثلاثاء 23 أبريل) أنشطة متنوعة، من عروض وندوا...

سيعجبك أيضاً إن شاء الله