بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، يونيو 15، 2015

ماسبيرو.. الدولة و تليفزيونها

ماسبيرو.. الدولة و تليفزيونها 






   من السهل جداً أن نخدع أنفسنا و نقول: إننا الأفضل. الجميع يفعلون ذلك، رغم أنهم جميعاً يعرفون كذب إدعائهم، خاصة في مجال الإعلام؛ لأن الإعلاميين يعرفون القاعدة جيداً: «كرر الكذبة كثيراً، يصبح الادعاء حقيقة مع الوقت» و كما يقول المثل: «الزن على الودان أمر من السحر». حتى من يكَذِّبونك لو لم تقنعهم، سيجدون عقولهم يوماً تتساءل إن كان ما اعتادوا سماعه فيه شيءٌ من الصحة؟ لكن كل أكاذيب النُخب، و جميع سذاجات العوام لا يمكنها تحويل الفشل نجاحاً. ادعاء النجاح و إثباته بالدليل سهل جداً.



   هناك مؤسسات متخصصة تصدر الشهادات و الدراسات و البحوث، و تقوم بالدعاية و ربما أقنعتك أنت نفسك أن ما تروجه عن نفسك حقيقي، ربما، لكن ذلك في النهاية لا يزيد عن ما تفعله مراكز تزييف الشهادات الجامعية، مهما أصدروا لك من شهادات عليك أن تذكر دائماً أنك لست الطبيب و لا المهندس الذي تحمل شهادة باسمه، شهادتك يا دكتور مزورة.



أقول ذلك بعد استطلاع رأي بسيط في الشارع، وسط البلد، على بعد خطوات من ماسبيرو، استطلاع كهذا ليس جديداً؛ اعتدناه كل عام، نسأل الناس عن رأيهم في التليفزيون. عملٌ روتيني نفذته كثيراً لصالح التليفزيون المصري، و أيضاً العديد من القنوات الخاصة التي سبق أن عملت لها. دائماً كان المشتَرك في هذه المهام أن الجمهور يجاملك. لو لم يكن ذلك من باب الذوق، فهو من باب أنك تملك إذاعة كلامه من عدمه. هو يعرف أن المقص بيدك و المونتاج لعبة يدركها حتى تلاميذ المدارس الأولية، فالضيف (بيجيب من الآخر) و يجاملك، يحاول أن يذكر اسماً برنامجاً مذيعاً، و لو لم يذكر سيستعين بك و يسألك: "عاوزني طاب أقول أيه".





  نعم حال التليفزيون المصري يرثى له، لكن من يرثى عليه أولاً و قبل أي شيء أن يفهم تفاصيل الحالة و لا ينجرف وراء الهجوم المبرر من جهات عديدة لا يهمها بحال إنجاح التليفزيون أو رفعه من كبوته بقدر اهتمامهم بإطلاق رصاصة تنهي القصة و تفتح المجال أمامهم للاستحواذ على سلاح الإعلام. هؤلاء يريدون وضع السلطة في قمقمهم بإيهام أولي الأمر أنهم الأكثر فائدة و أنهم يمثلون إعلاماً ناجحاً سيخدم توجهات الدولة التي تستطيع من خلاله سياسة الجماهير. طبعاً ذلك لابد أن يكون على جثة التليفزيون الرسمي الذي فقدت السلطات الأمل فيه و ربما السيطرة عليه أيضاً.



   طبعاً هذه الدعاوى تلاقي قبولاً واسعاً لدى الحكومة، هذه الحكومة كان سيفيدها كثيراً لو كانت معنا و نحن نجابه سخط الناس، فالكثيرون و ربما معظم من تحارونا معهم عندما سألناهم عن سبب انصرافهم عن مشاهدة التليفزيون الرسمي لم يذكروا أي شيء يتعلق بحرفة التليفزيون، لم يتحدثوا عن جاذبية البرامج و مدى تمتعهم بمشاهدتها، هم أصلاً لا يتابعون التنليفزيون بقنواته المتعددة، و لو تطور أداؤه لن يلاحظوا ذلك بحال.



   الأسباب التي ذكروها كلها تتلخص في انتقادهم لأداء الحكومة نفسها، هم يتحدثون عن الأسعار عن إلغاء الدعم، عن فرص العمل الذي لا يجده أبناؤهم و غير ذلك من أمور لا يمكن اعتبارها من اختصاص قناة تليفزيونية أي قناة لا خاصة و لا عامة، و ينهون كلامهم بلومنا:"أنتم لم تفعلوا شيئاً لتحسين الأوضاع" باختصار جزء لا يستهان به من مشكلة التليفزيون أنه تليفزيون الدولة، عندما ينتقد الناس-عامة الناس- أداء التليفزيون؛ هم بالأساس ينتقدون الحكومة التي يحاول أصحاب رؤوس الأموال إقناعها أنها زي الفل، و أن المشكلة-كل المشكلة- في التليفزيون الذي لا يستطيع تبييض الصورة و أداء دور إعلام الستينيات الذي استطاع أن يغافل الناس و يقنعهم لزمن أن الهزيمة انتصار.



   نحن كتليفزيونيين ندرك حجم ما تعانيه مؤسستنا من وهن، لكن المسئولين خارج المؤسسة عليهم أن يعلموا: القضية ليست قضيتنا منفردين، و المسئولية مشتركة، و الثقة المفتقدة بيننا و بين الجمهور كان سببها الرئيسي ضعف أداء مؤسسات الدولة المختلفة لا ماسبيرو منفرداً. القضاء على التليفزيون الرسمي للدولة لن يحل مشاكلهم بل سيضاعفها بعدما تدجن الجمهورَ و تحتكره قنواتُ رجال الأعمال، و أخيراً من يريد تحسين الصورة عليه أن يبدأ بالأصل.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات مدمجة

مشاركة مميزة

٣٠ يونيو أخر موعد لإستقبال سيناريوهات مسابقة ممدوح الليثي بالإسكندرية السينمائي

  أعلنت إدارة مهرجان الإسكندرية برئاسة الناقد السينمائي الأمير أباظة في وقت سابق عن فتح باب إستقبال السيناريوهات للمشاركة بمسابقة ممدوح اللي...

سيعجبك أيضاً إن شاء الله