بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، يوليو 15، 2015

فاعل خير .. سحقاً لبرامج الفضل

  يسمونه محدد الرؤية، و هو حقاً كذلك.
  ذلك الجزء من الكاميرا الذي ألصقه بإحدى عيني بينما العين الأخرى ترتعش محاولة إثنائي عن عزل نصف الواقع كما يفعل المصور التليفزيوني دائماً.
  كالعادة كان رأسي محبوساً خلف محدد الرؤية بينما أصوات عديدة متداخلة تفصح عن أفكارٍ مضطربة متعاركة تحاول توجيهي للتركيز على وجوه الأطفال و أجسادهم العاجزة في ذلك الملجأ للأطفال اليتامى المعاقين. لا أقول متحدي الإعاقة؛ ذلك اللفظ الذي يبرئ المجتمع به ذمته من مسئوليته تجاههم.
  وسط هذا الصخب، و بينما عدسة الكاميرا تنقل لي صورة عين غير ملونة لأحد الأطفال سمعته يقول شيئاً، لكن المفترض أن إعاقته بنسبة لا تسمح له بالكلام مطلقاً. تعجبت، رفعت رأسي قليلاً.. فتحت عيني و تلفت حولي علِّي أجد تفسيرا فوجدت الناس كما هم يتحاورون فيما يقترب من الجدال لكن لكل مأربه، هناك من يحاول استرضاء العاملين بالدار طمعاً في مكافأة، و الشخص بادي الأهمية الذي استدعانا لتصوير هؤلاء اليتامى يبدو أنه لا علاقة له بهم أو بالدار لكنه يستعد لخوض انتخابات البرلمان و ربما يسعى لبعض «البَرْوَزة»، أيضاً المشرفات على الدار في وجوههن رغبة الظهور على شاشة التليفزيون حتى لو تمنعن تفضحهن العيون.
  نفس الفوضى كما اعتدتها دائماً، و كما أحاول الهروب منها أبداً.
  دفنت رأسي مرة أخرى، و حددت بصري برؤية الكاميرا. لكن الكلمة رنت في أذني بمجرد ما وقعت عيني على عينه. نظرته الثاقبة سمعتها تقول كلمة حادة:
-حرام.
خفضت الكاميرا سريعاً فوجدته صامتاً خامداً يداه و رجلاه في وضع المصلوب كأن قوة ما توثق أطرافه و تمنعه من الحركة غير أن عينه تتكلم و بصرامة جعلتني لا أستطيع إكمال التصوير و الخروج سريعاً.
  للأسف كنت أظن يوماً أن برامج الخير - إذا جازت التسمية - هي برامج للخير فعلاً، لكن بعد سنوات من العمل التليفزيوني شاهدت فيها وقائع عديدة لنجوم قنوات عامة و خاصة اعتدت رؤية الناس في الشارع خاصة العجائز يثنون عليهم و يذيلون تترات برامجهم بدعوات تفيض مشاعر صادقة، عندما انخرطت في العمل التليفزيوني شاهدت الحقيقة و أن الخير بالنسبة لمعظم هؤلاء لا يزيد عن كونه « سبوبة حلوة » يستفيد منها الجميع، و غالبا يكون هؤلاء المحتاجون الذين نتاجر بهم و نتسول باسمهم في ذيل قائمة المستفيدين.
  و السؤال الذي يؤرقني، هل سيأتي يوم يمكن لعملنا أن يقدم خدمة حقيقية، كما يفترض بنا تقديمه بدلاً من المتاجرة بآلام و هموم و مصائب الآخرين؟

أحمد صلاح الدين طه

الأربعاء، يوليو 08، 2015

تحية لصاحب نفرتيتي


  نصبوا تمثال نفرتيتي، ربما نصب عليهم فيه، أو كانوا مهملين و ليسوا على قدر المسئولية، أثاروا مجتمع الفيس بوك، و اجتمع عليهم-في الواقع الحي- كل من اعتادوا الاختلاف مخالفين و مفترقين، و جميعنا سلَّى صيامه و تسلَّى بعد فطره بالنكات و القفشات عليهم و على تمثالهم المشوه.
  مع ذلك و بعد أن ضحكتُ مع من ضحكوا و تفكهنا بتداول صور التمثال، لكني لم أعد أستطيع أن أمنع نفسي الآن من إظهار امتناني لمن صنع التمثال على صورته تلك التي اعتبرناها شائهة، حتى لو كان صنعه دون قصد منه.
ربما كان التمثال -قبل ترميمه- مصنوعاً باحتراف و بنسب متناسقة كما قال المسئولون - و إن كنت لا أستطيع تصديق هذا الادعاء - لكنه على حالته تلك استطاع أن يحرك المياه الراكدة و يدفع المصريين لإخراج رؤوسهم من الرمال فيوقظون العقلية الناقدة لديهم و يحثهم أن ينظروا إلى ما كانوا عليه و يتأملوا كيف وصلوا لما انتهوا فيه.
  هل يمكن لعمل فني التطلع لأكثر مما استطاع هذا التمثال صنعه في ساعات تبدو قليلة؟
  لم يقدم التمثال صورة شائهة للملكة الأشهر في العالم، إنه فقط واجه المصريين بالحقيقة التي وصلوا إليها و التي يمنعهم من تغييرها إنكارُهم لها.
  انظر حولك و اسأل نفسك هل عملك الذي تنجزه كل يوم أكثر جودة مما قدمه صانع التمثال أو مرمِّمه؟
  اسأل نفسك كيف كان أحد القدماء المصريين سينجز عملك مقارنة بين نفرتيتي الأمس و نفرتيتيسمالوط؟
  إن كانت إجابتك طأطأة الرأس خجلاً فلا تلقِ التمثال و لا صانعه بأي حجر، و تعال معي نطالب محافظ المنيا الذي سارع بإزالة التمثال بمبدأ لمّ المسائل و مداراة الفضيحة؛ أن لا يخجل من التمثال الذي جعلسمالوط اسماً متداولاً ليس في مصر فقط بل على مواقع الأخبار و الفضائيات العالمية و مواقع التواصل التي نشطت حتى لو  نقضاً و انتقاداً فهي دون شك دعاية مجانية يمكن لمدير سياحة ذكي أن يستغلها بما لا يخطر على بال.
  عن نفسي لو كنت مسئولاً لوضعت التمثال المثير للجدل في قاعة خاصة و جعلته مزاراً و قد نال من الدعاية ما يكفيه، و ربما صار يوماً رمزاً لإيقاظ العقل المصري و روح العمل في المواطن المصري الذي غفل كثيراً حتى نسي العالم أنه موجود.
                                                                    أحمد صلاح الدين طه




 


إعلانات مدمجة

مشاركة مميزة

٣٠ يونيو أخر موعد لإستقبال سيناريوهات مسابقة ممدوح الليثي بالإسكندرية السينمائي

  أعلنت إدارة مهرجان الإسكندرية برئاسة الناقد السينمائي الأمير أباظة في وقت سابق عن فتح باب إستقبال السيناريوهات للمشاركة بمسابقة ممدوح اللي...

سيعجبك أيضاً إن شاء الله