بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، أبريل 21، 2017

نقابة الإعلاميين.. والله ظلمناها

 
  نعم ظلمناها، و نظلمها.
  

  لماذا نحاسبها أنها لم ترضِ طموحاتنا، لا كعاملين في المهن الإعلامية و لا كجمهور.

  نحاكمها و كأنها - في ذلك - شذت عن المناخ العام، بينما الواقع أنها - فقط - لبنة أخيرة  جاءت على مقاس و نمط و تفاصيل اللبنات التي سبقتها. كانت متآلفة مع مجموع البناء، و ليس ذلك خطأها. أما لو أردنا إصلاح البناء لوجب علينا تقويضه كله و إعادة تأسيسه، كما يقول عمال البناء:"على نضافة".

  أولاً، يلوم الجميع على لجنة تأسيس النقابة أنها أقصت معظم المهن التليفزيونية من اعتبار أهلها إعلاميين و بالتالي من عضويتهم بالنقابة، و لم يلاحظ أحد أن المهن التليفزيونية أصلاً اختلفت تفاصيلها و مسمياتها اختلافاً جذرياً عما كان موجوداً في الماضي، و ربما لولا اعتماد هذه المسميات في الكيانات البيروقراطية الجامدة منذ سنين مثل التليفزيون المصري و الذي أسست على قواعده معظم و ربما كل القنوات الفضائية المصرية، لولا اعتماد هذه المسميات من قبل أجهزة الدولة الخاصة بالتنظيم و الإدارة و المالية؛ لاندثرت تماما.

  لتكون هذه النقطة مفهومة، مثلاً أنا عن نفسي عندما كنت موظفاً في إحدى القنوات العربية، كان عملي كمصور يشمل إنتاج برنامجين كاملين، هما أهم برامج القناة، و إذا قارنت عملي حينها بالتخصصات الموجودة في القنوات المصرية أستطيع القول إن عملي كان يشمل: الإخراج، و التصوير، و المونتاج، و معظم مهام المعد و البروديوسر، و حتى تشغيل محطة البث. حيث كنت أرسل البرنامجين أسبوعياً متضمنين التقارير و اللقاءات و الفواصل، و لا يبقى لمنتجي القناة إلا ملء الفراغات المخصصة للإعلانات ثم إعادة بث المواد للجمهور. باختصار كنت أنا و مساعدي ( الذي أحدد له مهامه تبعاً لاحتياج العمل ) بالإضافة إلى مذيع/محاور و اثنين من المراسلين التقليديين نشكل قناة تليفزيونية كاملة ديناميكية الحركة و قابلة للتحور، كل ذلك كان تحت المسمى الوظيفي (مصور متخصص).

  في قناة أخرى أجنبية كانت وظيفتي ( مصور منتج/كاميرامان بروديوسر) حيث كنت أقوم بالمهام التي توكل في التليفزيون المصري للعديدين مثل المعد و المصور و المونتير و المخرج، و يبقى بعد ذلك مشاركاً لي في العمل ( مراسل منتج ) و هو يشارك في الإعداد و الترجمة و اختيار المواضيع و الفورمات المناسب لكل موضوع، و أيضاً تكون مهمته الأساسية: الظهور على الشاشة.
من خلال ذلك العمل أنتجنا مادة تليفزيونية متنوعة بدءاً بالتقارير الإخبارية و اللقاءات و حتى الأفلام التسجيلية.

  أيضاً، تضمنت تجربتي التليفزيونية العمل كصحافي فيديو، هذا المجال الذي ربما لم يلتفت له إطلاقاً مؤسسو النقابة رغم أنه شيئاً فشيئاً، يتسيد مجال إنتاج الأخبار التليفزيونية.

  إذا فالأمر و هو كذلك يوجب على اللجنة المؤسسة لنقابة الإعلاميين مراجعة هذه المهن التي اعتبرتها إعلامية رغم أنها فعلياً، منقرضة، و الحديث هنا يأخذنا إلى نقطته الثانية و هي الأهم، الدراسة الجامعية.

  في الجامعات المصرية، يدرس مجال الإنتاج التليفزيوني في ما يمكن اعتباره أربع مجموعات من المؤسسات الجامعية: 

  1. كليات الإعلام ( تخصص إذاعة و تليفزيون ).
  2. كليات الفنون التطبيقية ( تخصص الفوتوغرافيا و السينما و التليفزيون ).
  3. معهد السينما بتخصصاته المختلفة.
  4. كليات الآداب ( تخصص إعلام ).

  اختلاف المسميات للكليات و الأقسام، يجعل هناك التباساً كبيراً لدى من يريد الالتحاق بمجال الإعلام، و لا أزال أذكر كم من صديق من خريجي كلية الإعلام كانوا و هم في مرحلة إعداد مشروعات التخرج لايزالون يتساءلون: "هو احنا بعد التخرج، هنشتغل أيه؟"، خاصة و الكلية تجمع تخصصين مختلفين كلياً في قسم واحد، الراديو مع التليفزيون، مجال يستخدم الصوت و يتعامل مع خلق التصور ( الصورة الذهنية ) التي تعتمد على الخيال، مع مجال آخر يعتمد على الصورة بمفهوهما المادي، أي أنه يتعامل مع الحواس مباشرة ( البصر و السمع ) و يعتمد على نقل الواقع أو الانتقاء منه.

  أيضاً، لازلت أعاني لأوضح للبعض (خاصة المسؤولين عن الإعلام في مصر) أن خريج كلية الفنون التطبيقية ليس مختصاً في ( التصوير التليفزيوني ) رغم أن خريجي القسم نفسه يدرسون التصوير الفوتوغرافي و السينمائي، إلا أن مجال التليفزيون ليس فيه ما يسمى تصوير تليفزيوني لكنهم يدرسون الإنتاج التليفزيوني من الفكرة إلى الشاشة، و الكلية في ذلك كانت سباقة حيث جعلت خريجها أكثر انسجاماً مع أنماط الإنتاج التليفزيوني الحديثة، بالإضافة لفهمهم العميق لأدوات الإنتاج.

  هذا مجرد مثال يوضح كيف أن الفوضى لا بدأت بإنشاء النقابة و لا بسوق العمل، بل سبقت ذلك بكثير، و علينا إذا رغبنا الإصلاح لهذا المجال أن نبدأ باللبنة الأولى؛ على المسؤولين عن الكليات التي تخرج المتخصصين في إنتاج المادة التليفزيونية ( صناع الميديا ) أن يجتمعوا معاً، و يدرسوا احتياجات السوق، و التغيرات التي طرأت عليه، و عليهم أن يتعاونوا معاً إما لتمييز التخصصات، أو لتغيير المسميات. بعد أن يحدث ذلك يمكن أن نجتمع لنتشاور و نتحاور بشأن ضبط السوق أو تفعيل الانضباط النقابي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات مدمجة

مشاركة مميزة

اليوم افتتاح مهرجان برلين للفيلم العربي.. روائع السينما العربية في برنامج حافل من 24 إلى 30 أبريل

      " مرت خمسة عشر عاماً قدم فيها مهرجان “الفيلم” المئات من القصص العربية على شاشات برلين.   خمسة عشر عاماً شهدت فيها المنطقة العرب...

سيعجبك أيضاً إن شاء الله