بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، مايو 14، 2017

عن مواهب ماسبيرو التي يحتاجها السيد مكرم

 هناك معزوفة عالمية اشتهرت في التسعينيات في فيلم يحمل نفس اسمها، يطلق عليها بالعربية "الدخول إلى الجنة"، نفس الاسم يمكن ترجمته أيضاً (احتلال الجنة) أو غزو الجنة، بصراحة عندما قدم الأستاذ مكرم محمد أحمد إلى ماسبيرو؛ بدا و كأنه قادم فقط لغزوه واحتلال مكتب صفوت الشريف تحديداً.
  لا نعرف ما السر وراء الرغبة العارمة لديه لتحقيق نصر ما على ذكرى الوزير الأسبق، ضابط المخابرات الأسبق، رئيس مجلس الشورى الأسبق صفوت الشريف الذي يستمتع حالياً بحياة الظل بعيداً عن ضجيج المناصب الرسمية.
  فوجئنا جميعاً بتواتر الأخبار عن وقوف الأستاذ الفاضل إزاء مكتب الوزير، يصيح و كأنه (دون كيخوت) يواجه طواحين الهواء أو هذا ما صوره الشاهدون، و أخذ يصيح، و العهدة على مواقع الأخبار:" افتحوا لي مكتب صفوت الشريف".
البعض أضاف أيضاً عبارات ربما تكون من قبيل التشويق و الإثارة مثل:" أريد أن أجلس على مقعده".

  هل قال ذلك أم لا؟
   لا يهم، المهم أنه بالتأكيد بعدما استقر خلف مكتب الوزير لم يجد نفسه في الجنة، و راح يصرِّح على شاشاتٍ -غير رسمية- أن ماسبيرو ينقصه المواهب.

كلمة بصراحة كفيلة بإثارة سكان المبنى والمباني المجاورة.
كيف يتهمهم بذلك رجلٌ قادمٌ من حقل بعيد كل البعد عن المبنى، و معرفته بالمبنى لم تتخط إعجابه بمكتب الوزير، الذي طالما دخله كزائرٍ في مهماتٍ رسمية (صحفية أو ربما غير صحفية) و انتهت دائماً مهامه عند بوابة كبار الزوار.

 رغم أني مثل العديدين سخطت عندما قرأت عن التصريح المشين، لكن دائما تذهب السكرة و تأتي الفكرة، و إذا تريثنا قليلاً ربما وجدنا بعض الصحة فيما قاله.
  كلنا نعرف أن أداءنا كجهاز إعلام فيه قصور، و بما أن الأستاذ مكرم قادم من عالم الورق، الصحافة المكتوبة الكلاسيكية؛ فلابد من أن يجد من يعينه ليعرف أكثر عن التحديات التي يواجهها، و أعتقد أن ذلك ليس صعباً.

 السؤال الذي يجب أن نجيب لسيادته عنه، هو: ما نوعية المواهب التي يحتاجها المبنى؟ و هل الصورة الساذجة التي تقول إن المواهب الحقيقية هجرت المبنى، و أن الباقين إما عديمو الموهبة، تنابلة، أو حواة عملاء يعملون داخل المبنى لصالح نجاح قنوات أخرى يعملون فيها سراً أو علناً، و يهملون عملهم في ماسبيرو؟

  الاعتراض كليا على مثل هذه الأفكار أو إنكارها نوع من التدليس. هذه الصورة موجودة فعلياً عندنا كما في المصالح الحكومية الأخرى، لكن التعميم، أو تعليق الفشل عليها خطأ كلياً؛ فرغم كل شيء يستطيع من يتابع التليفزيون المصري أن يجد كماً لا يستهان به من البرامج والمواد التليفزيونية عالية الجودة. ربما لا يشاهدها سيادته لانشغاله بمتابعة القنوات الخاصة، لكنها موجودة. و لو كلف نفسه بمتابعة البرامج لأدرك ذلك.

   إذا، التليفزيون لا ينقصه المواهب التليفزيونية، لكنه يحتاج مواهب من نوع آخر هي السبب في تراجع نسبة مشاهدته و تراجع معرفة الجمهور ببرامجه، أولها غياب وجود تسويق جيد للبرامج.

 إن أبسط استطلاع رأي للجمهور سيكشف أن معظم الناس يعرفون العديد من برامج القنوات الخاصة، و إذا سألت أياً منهم كم مرة شاهدت هذه البرنامج على التليفزيون سيفاجئك أن الغالبية لا يشاهدون أي برامج على الشاشة الصغيرة، و إنما معرفتهم عن طرقٍ، أولها إعلانات البرامج على الطرق و الكباري، و ثانيها عرض مقتطفات منها على شبكات التواصل الاجتماعي، بالإضافة طبعاً إلى التكرار الكثيف على تردد القناة نفسه أو على ترددات إضافية تختلف عن الأولى في زمن العرض.
لا يوجد أي برنامج ينتج على قناة خاصة إلا و يذاع - في أقل تقدير - مرتين بخلاف تكرار كثيف لمقتطفات من البرنامج قبل و بعد العرض الرئيسي.
كل هذه السبل مفتقدة تماماً بالنسبة لبرامج التليفزيون الرسمي، لعدة أسباب أولها غياب التمويل، و ثانيها غياب الإدارة الرشيدة التي تستطيع توظيف الإمكانات البشرية و المادية للوصول إلى نجاح حقيقي. و طبعاً ثالثاً هذه الإدارة الرشيدة لابد لها من حرية في اتخاذ القرارات و محاسبة بعد ذلك، أما أن تكلف أياً من يكون بإدارة جهاز مثل هذا و تكبله بقرارات عليا، و ضغوط من خارج الجهاز و داخله، و ديون لا فكاك منها ثم نتحدث عن المواهب. ذلك لا يحتاج أصحاب مواهب بل معجزاتٍ إلهية.

أحمد صلاح الدين طه

الخميس، مايو 04، 2017

حقوق العاملين في الإعلام.. بمناسبة عيد العمال


 
  قبل سنوات، كنا نغطي إضرابات عمال بعض الشركات في مصر، كنت أعمل لصالح إحدى القنوات الفضائية الخاصة الشهيرة في ذلك الوقت، و المملوكة لأحد رجال الأعمال.. فجأة، و وسط المعمعة كما يقولون. وجدت المراسلة الشابة تخفض المايك و توجه نظرها إلي واجمة كأنها تحاول النظر إلى نفسها، و ليس لأي أحد آخر، و تقول:"إحنا بنعمل تقارير عن دول علشان بيطالبوا بحقوقهم.. دة إحنا مش واخدين نص الحقوق اللي هما بيتمتعوا بيها أصلاً، إحنا أولى بينا نعمل تقارير عن نفسنا".
 
  في الواقع كلامها أصاب كبد الحقيقة؛ فسوق الإعلام في مصر تعمه الفوضى، و تضيع فيه حقوق العاملين بشكل مبالغ فيه، خاصة في الإعلام الخاص، الذي ما عدت أستغرب و أنا يوما بعد يوم أصادف زملاء عملوا معي في بعض القنوات، أجدهم قد تحولوا للعمل في مجالات بعيدة كل البعد عن الإعلام، خاصة المتخصصون منهم الذين يعوقهم عادة عدم وجود "واسطة" لهم تدفعهم، فيفضلون اللحاق بركب تغيير المسار، حتى لا يضيعوا أعمارهم في ركاب من لا يستحقون.

  القنوات الخاصة تنشأ، و تختفي أو تنتقل ملكيتها، دون ضمانات لا للعاملين أو المجتمع الذي تمثله الدولة، لماذا لا تكون هناك شروط محكمة و مؤسسية صارمة عند إنشاء أي قناة، خاصة؛ فأي قناة ينتظر أن تستهلك الملايين، و من المعروف أن الإعلانات لا تكفي تعويض مصاريفها، إذا كان المستثمر غير قادر، أو غير مستعد، أو غير مؤهل لإنشاء قناة يجب الحرص على عدم التصريح له بإنشائها، لأنه يصبح معروفاً و غير قابل للجدل أنه سيستغلها لغسيل الأموال. و عندما تنتهي مهمتها سيغلقها دون إنذار بعد أن يكون العديدون أصبحوا موظفين فيها يعتمدون على أجورهم منها، و ربما تركوا أعمالهم في أماكن أخرى، انبهاراً بسطوع الانطلاق للقناة الجديدة الذي مايلبث أن يخبو، و يسبب هزة اجتماعية لعشرات الأسر.. الأزمة التي صارت حديث كل يوم في سوق الإعلام في مصر.

  العقود - القانونية - التي صارت حلماً للعاملين في الإعلام، و الذين كانوا - معظمهم - ينتظرون إنشاء نقابة الإعلاميين لتفصل في الأمر، لكنها على خلاف المتوقع جاءت بقاعدة كفيلة بزيادة تحكم أصحاب القنوات، حيث جعلتهم هم و توجهاتهم الفيصل في عضوية الإعلاميين بالنقابة،  يجب على من يرغب الالتحاق بالنقابة أن يكون عاملاً لديه إثبات عمل بعقد قانوني سارٍ بإحدى المحطات، و لما كانت المحطات بحاجة لتعويض خساراتها، بدأت تكشر عن أنيابها، و تفصح عن أنها ستصدر عقود عمل للعاملين لديها أو للراغبين بمقابل مادي. حتى يتسنى لهم الالتحاق بالنقابة و بعدها يحلها الحلال.

  المصريون الذين يتم استغلالهم عند الهجرة غير القانونية خارج بلادهم، سيستغلون لكن هذه المرة داخل بلادهم.

  هذا، ناهيك عن ما يواجهه العاملون من ظروف عملٍ قاسية، لا إجازات، لا أوقات محددة للعمل، استغلال من قبل أصحاب العمل لأداء مهامٍ خاصة، قانونية أو خلاف ذلك أحياناً، العمل في جو عدائي مشحون ضد الإعلام، و ربما ضد قنواتهم تحديدا، مما يعرض حياتهم للخطر دون تأمين ضد الإصابات، أو فقدان الحياة، و هو أمر أصبح متوقعاً بشكل يومي. دون حتى أدنى مسؤولية من القناة أو الشركة أو الوكالة، التي عند وقوع أي عارضٍ تسارع لتسوية الأمر مع الجهات المختصة، بينما "يروح فيها" الموظف - الإعلامي - هو و عائلته "و اللي يتشدد له".
 
  الإعلام عامة هو أحد الركائز التي يقوم عليها أي مجتمع، لأنه منوط به توفير المعلومة التي هي الفيصل في كل نشاط آخر، في الاقتصاد، أو السياسة، أو الأمن، و حتى في الحروب. و دون مناخٍ إعلامي سوي، دون منظومات(مؤسساتٍ) إعلامية منضبطة، و دون ضمانات للعاملين في المهن الإعلامية؛ لا ينتظرن أحدٌ من الإعلام المصري أكثر مما هو عليه الآن.


أحمد صلاح الدين طه

إعلانات مدمجة

مشاركة مميزة

٣٠ يونيو أخر موعد لإستقبال سيناريوهات مسابقة ممدوح الليثي بالإسكندرية السينمائي

  أعلنت إدارة مهرجان الإسكندرية برئاسة الناقد السينمائي الأمير أباظة في وقت سابق عن فتح باب إستقبال السيناريوهات للمشاركة بمسابقة ممدوح اللي...

سيعجبك أيضاً إن شاء الله