بحثاً عن نبي خرجنا؛ فوجدنا شيخاً، ثم اكتشفنا أنه.. إله قديم
هذا تماما ما حدث، خرجنا بكامل عتادنا و معداتنا التليفزيونية، لعمل تقرير عن ما قيل إنه قبر النبي إدريس ( رغم أن المعروف أن النبي إدريس ليس له قبر معروف على الأرض و تذكر الكتب أنه قبض في السماء الرابعة، و هو ما يشار إليه بكونه رفع إلى السماء و لم يمت بشكل طبيعي ) حتى المقام الموجود بلبنان يعرف الجميع أنه مقام رمزي و ليس قبراً. لكننا سرنا نحو قرية يقال إن بها ضريح أو مقام النبي هرمس، و للعلم فالمأثور عن الأقدمين هو أن هرمس هو النبي إدريس، كما أنه يشار إليه على أنه أحد الهرامسة، ذلك أن هذا الاسم منسوب لأشخاص مؤثرين، و البحث عن أصله يزيد الالتباس، فلن يستطيع أحد القطع بأن هرمس الهرامسة هو شخص واحد جمع بين النبوة و الحكم، و الحكمة. أم أنه ثلاثة أشخاص، و ربما أكثر، خاصة و هناك أمم عديدة ينسب لهم هذا الشخص العظيم منهم الإغريق و قدماء المصريين، و العرب. الأدهى من ذلك أنك تستطيع إرجاعه لأصل وثني إغريقي قديم، و هو الإله هرمس الملقب في الأساطير الإغريقية برسول الآلهة. و بصراحة أكاد أثق بعد زيارة هذا المقام أنه مقام تبجيل لهذا الإله، و ليس له اتصال بأي دين آخر، لا الإسلام و لا غيره.
في البداية، صحح الناس لنا معلوماتنا بأنه مقام سيدي هرمس، و قال البعض إنه مقام الشيخ بهرمس، و في تنويع طفيف أكد بعض المسنين أن اسمه الحقيقي سيدي طهرمس، على أي حال هو شيخ، و ليس نبياً. هذا ما أجمع عليه معظم الناس. و هم أيضاً من أجمعوا أنه (حد كويس) هذا بالضبط ما وصفوه به؛ فهم يتحدثون عنه كأنه شخص حقيقي يعيش وسطهم و يعالج أمراضهم، و يشفي علاتهم، و يرزق العقيم، و يزوج البنات، و يفعل الأعاجيب التي يؤمن كل من لديهم (إله محلي) أن إلههم قادر على فعلها.
رجلٌ ثمانيني قال لنا بإيمان عميق: " يكفي أنه دليل الحج"
هرمس أيضاً، الذي وصف برسول الآلهة يتولى مهمة الريادة، فيتقدم الآلهة و يسبقهم، و كذلك يوصف سيد هذه البلدة بأنه دليل الحج أي انه يقوم بنفس الوظيفة، مع الأخذ في الاعتبار أن هرمس (المعبود القديم) كان يقدم خدمات يمكن اعتبارها -أحياناً- غير أخلاقية، بل يمكن وصفها بالقوادة بدلاً عن القيادة بالإضافة طبعاً إلى أنه يعد رب اللصوص، و يشار إلى أنه عند مولده استغل قدرته على التأثير على المخلوقات ليستخدم موسيقى نايه في تغيير وجهة قطيع خراف، أي أنه سرقه، و ليستميل الآلهة الآخرين ضحى بخروفين و قدمهما رشوة للآلهة.
يجمع أهل البلدة أن تحت بلدتهم بلدةٌ أخرى قديمة، فيها الشوارع و البيوت و الأسواق ربما أفضل مما يعيشون هم فيه.. يبدو من وصفهم أنهم يعرفون بشكل أو آخر أن الأرض التي يعيشون فوقها تكنز تراثاً غنياً بآثار مدينة قديمة.
يبدو أن الأوثان لم تُيأس أن تعبد حتى اليوم، خاصة و هي تُلبس أردية يقبلها المتدينون فيلتبس عليهم أمرها و تقودهم بعيداً عن الحق.
أحمد صلاح الدين طه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق