فيلم "مريم" يتألق في مهرجان الإمارات السينمائي

 

حقق الفيلم المغربي القصير "مريم" للمخرج والممثل عمر الضنايا إنجازًا جديدًا بفوزه بجائزة أفضل فيلم قصير عربي خلال الدورة الحادية عشرة من مهرجان الإمارات السينمائي في دبي. يُعد هذا المهرجان واحدًا من أبرز الفعاليات الخليجية للسينما المستقلة.

الفيلم الذي أُنتج في عام 2023، ويمتد على مدار 16 دقيقة و46 ثانية، يروي قصة مريم، الفتاة ذات الأربعة عشر عامًا التي تعيش في ظل عائلة محافظة وتواجه تحديات كبيرة بعد تعرضها لحادث أليم يختبر قوة إرادتها في مواجهة الظروف الاجتماعية الصعبة. من خلال سرد درامي مميز، يطرح الفيلم قضايا مجتمعية حساسة بأسلوب يدعو للتأمل والنقاش.

  "مريم" فيلم طموح يعكس رؤية المخرج عمر الضنايا الذي اختار الخروج عن القوالب السردية التقليدية، مقدّمًا تجربة سينمائية تحمل الكثير من الغموض والتشويق. قسم الفيلم أحداثه بين محاور زمنية مختلفة، حيث جاء استخدام الفلاش باك كعنصر مفصلي في القصة ليكشف أبعادًا خفية عن معاناة الشخصية الرئيسية ويضيف لطبقات الفيلم الدرامية. هذا الأسلوب ساهم في خلق تساؤلات مستمرة لدى المشاهد، مما جعله مشدودًا للأحداث حتى النهاية.

من الناحية البصرية، اعتمد التصوير على زوايا حميمية وضيقة، مما نقل إحساس الاختناق الذي تعيشه البطلة في ظل واقعها القاسي. التباين بين الإضاءة الباردة والحارة عكس بمهارة الحالة العاطفية للشخصيات، وأضاف عمقًا بصريًا مؤثرًا. ومع ذلك، ظهرت بعض الكادرات بتكوينات غير متقنة، كقطع رؤوس الشخصيات دون دلالة واضحة، مما أضعف أحيانًا قوة الصورة. إضافة إلى ذلك، امتدت بعض اللقطات لفترة أطول من اللازم، ما أثر على الإيقاع العام وأضعف التأثير الدرامي لبعض المشاهد.

جاء المونتاج ليؤكد على رؤية المخرج، حيث ساهم إدخال الفلاش باك في توقيت مناسب بكشف أبعاد القصة ورفع التوتر. لكن على الجانب الآخر، ظهرت بعض القفزات الصوتية بين اللقطات الحوارية، مما أخلّ بالسلاسة، بالإضافة إلى غياب إحكام التوقيت في إنهاء بعض اللقطات. على الرغم من هذه الملاحظات، فإن طريقة ترتيب المشاهد أضافت عنصر الغموض الذي كان المخرج يسعى لتحقيقه.

اختار السيناريو تناول موضوع حساس ومألوف بأسلوب جريء وغير تقليدي. غياب السرد المباشر جعل الفيلم بمثابة لغز يتطلب من المشاهد الانتباه للتفاصيل. ومع ذلك، كانت بعض العلاقات الثانوية بين الشخصيات غير مفعّلة بالقدر الكافي، مثل علاقة مريم بصديقتها أو مغتصبها، مما أفقد بعض المحاور الدرامية قوتها المحتملة.

"مريم" استطاع إيصال رسالته الإنسانية والاجتماعية بشكل مؤثر، ويُحسب له قدرته على إثارة النقاش حول قضايا حساسة. نجاح الفيلم في حصد الجوائز يعكس تميزه على مستوى المضمون وجرأته في الطرح، ومع تحسين بعض الجوانب التقنية، يمكن أن يتحول إلى تجربة سينمائية أكثر تكاملاً تلبي طموحات مخرجه.

 

شارك فيلم "مريم" في 20 مهرجانًا عالميًا، محققًا 10 جوائز دولية مرموقة، منها جوائز في فرنسا، الولايات المتحدة الأمريكية، وموريشيوس. وضم طاقم العمل عددًا من الممثلين المميزين، مثل روميساء العقاوي، محمد الحمزاوي، ونجوى الفايدي، تحت إشراف المخرج عمر الضنايا الذي ساهم أيضًا في التصوير والمونتاج.

 

نبذة عن المخرج عمر الضنايا

 

عمر الضنايا، من مواليد عام 1993 في مدينة القنيطرة، هو ممثل وصانع أفلام مغربي. قدم أدوارًا بارزة في أعمال دولية، منها دوره الرسمي في المسلسل الهندي "The Freelancer"، بالإضافة إلى مشاركته في فيلم إيطالي بعنوان "Il Nibbio" وفيلم فرنسي "13 Days 13 Nights". على الصعيد المحلي، تألق في سلسلتي "عفاك ا بابا" و"الفلوكة".

كصانع أفلام، يمتلك الضنايا العديد من الأعمال على شبكة الإنترنت، وكان أحدثها فيلمه الاحترافي القصير "مريم" الذي شارك في 20 مهرجانًا وفاز بـ10 جوائز. يُعتبر "مريم" تتويجًا لمسيرته الفنية ومرآة لطموحه في تسليط الضوء على القضايا الاجتماعية من خلال السينما.

 

  عبر عمر الضنايا عن سعادته الكبيرة بهذا التتويج الذي يُبرز مكانة السينما المغربية على الساحة الدولية، مؤكدًا أهمية تسليط الضوء على قضايا اجتماعية من خلال الفن.