"بذرة التينة المقدسة" للمخرج محمد رسولوف: دراما سياسية إيرانية تثير الإعجاب وتواجه القمع
طهران، 3 يونيو 2025 - يواصل الفيلم الإيراني "بذرة التينة المقدسة" (Dāne-ye anjīr-e ma'ābed)، من تأليف وإخراج وإنتاج محمد رسولوف، إثارة الجدل والإعجاب على حد سواء منذ عرضه الأول في مهرجان كان السينمائي في مايو 2024. يروي الفيلم قصة "إيمان"، قاضي التحقيق في المحكمة الثورية بطهران، الذي يجد نفسه غارقًا في دوامة من الشك والبارانويا مع تصاعد الاحتجاجات السياسية في البلاد واختفاء مسدسه بشكل غامض، مما يدفعه إلى عدم الثقة بزوجته وابنتيه.
يجمع الفيلم ببراعة بين السرد الروائي الخيالي ولقطات حقيقية من الاحتجاجات الإيرانية التي شهدتها البلاد بين عامي 2022 و2023، والتي قوبلت بقمع عنيف من قبل السلطات الإيرانية. يضم طاقم العمل نخبة من الممثلين منهم سهيلة جولستاني وميساق زارع ومهسا رستمي وستاره مالكي.
إنجازات وتحديات
حقق الفيلم نجاحًا كبيرًا على الصعيد النقدي، حيث نال إشادة واسعة وتصفيقًا حارًا في مهرجان كان، وفاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة، بالإضافة إلى العديد من الجوائز المرموقة الأخرى مثل جائزة النقاد (FIPRESCI Prize)، وجائزة لجنة التحكيم المسكونية (Prize of the Ecumenical Jury)، وجائزة فرانسوا شاليه (François Chalais Prize). كما ترشح للعديد من الجوائز العالمية الكبرى، بما في ذلك جائزة الأوسكار لأفضل فيلم دولي كمدخل ألماني، وجائزة جولدن جلوب لأفضل فيلم بلغة غير إنجليزية، وجائزة البافتا لأفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية.
تأتي هذه الإنجازات في ظل تحديات جمة واجهها المخرج محمد رسولوف، الذي حكم عليه بالسجن ثماني سنوات والجلد وغرامة ومصادرة ممتلكاته من قبل السلطات الإيرانية قبل عرض الفيلم. تمكن رسولوف من الفرار إلى ألمانيا لحضور العرض الأول في كان، حيث عبر عن تضامنه مع الفنانين الذين لم يتمكنوا من مغادرة إيران.
قصة مؤثرة تعكس الواقع
تدور أحداث الفيلم حول "إيمان" الذي يترقى إلى منصب قاضي تحقيق في المحكمة الثورية، ويجد نفسه مضطرًا لتمرير أحكام الإعدام دون تحقيق حقيقي. تتشابك حياته الشخصية مع الأحداث السياسية المتصاعدة، حيث ترفض ابنتاه وزوجته الانصياع لقواعد النظام، وتتفاقم شكوكه مع اختفاء مسدسه. يصل الفيلم إلى ذروته في مشهد مطاردة مثير ينتهي بمصير مأساوي، ليختتم بلقطات حقيقية لنساء إيرانيات يتظاهرن بشجاعة في شوارع طهران.
"بذرة التينة المقدسة" ليس مجرد فيلم، بل هو شهادة سينمائية جريئة على الوضع الراهن في إيران، يسلط الضوء على قمع الحريات وتأثيره على الأفراد والعائلات. يؤكد الفيلم على قوة الفن في نقل الحقائق ومواجهة الظلم، ويُعد إضافة هامة للسينما العالمية المعاصرة.