بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، يوليو 16، 2010

تصريح شوارع .. التصوير حق للجميع


  أصبح عادياً و أنت تقف بالكاميرا وتقوم بتصوير أي شارع أو ميدان عام أو حتى قطة هائمة أن يأتي إليك شرطي متحمساً ويقول لك كلم الضابط والضابط الذي يجلس بعيداً في الظل تحت شجرة أو داخل أحد المقاهي وربما أحد محال وسط البلد المكيفة سيسألك أولاً: أيوة يا سيدي عاوز إيه؟ 

 

  هنا ستجيبه أنت بشرح ما حدث من الشرطي الذي يبدو عليه أنه مجند أو حديث الالتحاق بالداخلية.. ستقول له إنه أخبرك أن عليك أن تكلم الضابط ، يعني أنك لم تكن ترغب في ذلك.. هنا يهمهم السيد الضابط ويبدو أنه فهم المسألة؛ فيقوللك: طب يعني مش عيب عليك. 

 

  لن تفهم أنت مغزى العبارة، ما هو العيب بالتحديد: هل التصوير نفسه، أم أنك لا سمح الله كنت تصور شيئاً دون أن تدري خارجاً عن حدود اللياقة والأدب، ينكره المجتمع عليك، وتوقفك الشرطة بسببه! 

 

  هنا يردف الرجل مفسراً: انت مش عارف إنك عشان تصور في الشارع لازم يكون معاك تصريح شوارع؟ 

 

   تصريح الشوارع والذي يعني تصريحا يستخرجه المرء من الداخلية بعد أن يمر على جهات أمنية عديدة، شديدة الأهمية، هو ظاهرة تؤرق المصورين محترفي الصحافة والهواة أيضاً في مصر، ومن النادر أن يواجهك طلب تصريح كهذا في أي من بلاد العالم المتقدم وكثير من البلدان النامية أيضاً، ولا بد أن نعتبره أمراً غريباً في مصر خاصة أنها بلد سياحي كل من يأتي إليه يجلب كاميرته معه ليحفظ ذكرياته فيه مما يعد أيضاً دعاية مجانية على الدولة تشجيعها لا وأدها.

 

  مصر التي يمنع فيها تصوير الشوارع، أو التصوير في الشوارع، يصرح فيها بالتصوير في قاعات المحاكم وتصل الكاميرات والمصورون ومراسلوا الصحف والإذاعات المرئية والمسموعة حتى قفص المتهمين في قضايا شديدة الحساسية والتعقيد، بل يكون زخْم الكاميرات من القاضي والمستشارين أقرب من أنفاسهم إليهم دون أن يعد ذلك شيئاً غريباً خارجاً عن المألوف رغم ما يمثله الوجود الإعلامي في موقف كهذا من تشويش على هيئة المحكمة والمحامين الذين عادة ما يحاولون استغلال الوجود الإعلامي لصالح موكليهم. هذه الازدواجية تدفعنا للتساؤل: لماذا يمنع التصوير في الشوارع إلا بتصريح؟ 

 

   الإجابة دائماً تتحدث عن الأمن والتأمين وأشياء من هذا القبيل، وهي إجابة غير شافية على الإطلاق؛ فمنذ متى تحولت شوارع وسط البلد والميادين العامة إلى مناطق عسكرية ومنشآت حيوية يحرص المصريون على عدم تصويرها أو نقل صورها إلى العالم؟ 

  ثم هل يحجب فعلاً منع التصوير هذا نقل الصور إلى العالم ؟ 

  طبعاً الإجابة لا؛ فعلى الأقل يمكن التصوير، سرقةً، لمن يريد حقاً أن يفعل، كما أن أي طفل صغير دون سن المدرسة حالياً يستطيع الحصول على صورٍ جيدة الوضوح لأي منطقة في مصر أو العالم عن طريق خدمات الأقمار الصناعية المجانية على الإنترنت، نحن نتكلم عن خدمات مجانية فما بالك بتلك المدفوعة الأجر؟

 

   هنا أيضاً أذكر أنني وأثناء قيامي مع فريق عمل تليفزيوني قبل بضعة أعوام بتصوير برنامج للأطفال، اضطررنا – رغم أن جميع التصاريح اللازمة كانت معنا – لانتظار مندوبين سيأتون من جهات أصدرت أو وقعت على تصاريح التصوير واستغرق ذلك وقتاً طويلاً حتى كادت الشمس تغرب وبالتالي نلغي أو نؤجل التصوير. 

 

  هنا تقدم واحد من أهل المنطقة متعجباً يقول: أنتم تنتظرون كل هذا لتصوروا؟! أنا أصور هنا كل يومٍ فرحاً (حفل زفاف) ومعي صور ( فيديو ) لكل شبرٍ هنا "لو عاوزينها أديهالكو". طبعاً لم نأخذ هذه الصور فقط لأنها لم تكن ما نهتم به، لكننا اكتشفنا أن مشكلتنا الوحيدة هي عدم وجود قاعدة في هذا الأمر، أو ربما تكون القاعدة موجودة لكنها غير مأخوذ بها.

 

   ببساطة الجهات الرسمية تتعامل مع مصوري التليفزيون والصحافة وهواة التصوير أيضاً بذات المنطق الذي تتعامل به مع سائقي التكاتك غير المرخصة؛ فهم يسمحون لك بممارسة عملك أو هوايتك حتى تقع في أيديهم وهنا تحاسب حساب الملكين و كأن قيامتك قامت.

 ١٦-٧-٢٠١٠  

 أحمد صلاح الدين طه

هناك 11 تعليقًا:

  1. يذكر أن موظفا لتصاريح التصوير أحيل على التقاعد وبعد فترة قصيرة شعر بممل شديد فاشترى زيرا وكوبين واحد باللون الأخضر والثاني باللون الأحمر وملا الزير بالماء ووضع العدة أمام بيته وجلس بجانبها وكلما مر احد وأخذ كوبا ليشرب قال له موظفنا العتيد بلهجة صارمة لا تشرب من هذا اشرب من الآخر وهكذا يفعل مع كل مار يرغب في شرب كوبا من الماء وفي يوم ما مات موظفنا العتيد فاحتار المارة من أي الكوبين يشربون فجمعوا بعضهم ووقفوا على رصيف مجلس الشعب محتجين ومطالبين الحكومة بتعيين موظفا جديدا لإدارة سبيل الماء الذي أسسه موظفنا العتيد.
    فيصل الحبيب
    مدينة تونس

    ردحذف
  2. اعتقد ان فكره اعطاء التصاريح للتصوير تنطوى علي فرض الرقابه علي ماسيتم تصويره واعطاء تصريح لتصوير مايريدوه لا غير وعلي راي المثل..الي علي راسه بطحه وعجبي.................

    ردحذف
  3. بصراح وانا من المغرب وأعيش في المهجر ومن الذين يودون زيارة أم الدنيا، أستغرب كثيرا مثل هذه الأخبار، إن هذا التصريح لا يوجد إلا في مصر وهو تصريح ساذج، الآن من الصعب منعه حتى في المرافق التي عادة لايسمح بالتصوير فيها مثل القنصليات والسدود فالكمرات تطورت بالشكل الذي يستطيع المرء أن يصور حسني مبارك وهو يضاجع زوجته

    ردحذف
  4. الشقيق من المغرب
    أتفق معك في كون منع التصوير إجراء بالغ السذاجة
    لكني أضيف إلى معلوماتك إنه ليس فقط موجودا في مصر .. على الأقل أنا وجدته في بعض الدول العربية التي زرتها
    ملحوظة أخيرة ، أعتقد إنه كان من الممكن لك إبداء رأيك دون الحديث عن رئيسنا حسني مبارك بطريقة فيها إهانة ليس له فقط بل لجميع المصريين ، حتى إذا كانت لدينا هنا في مصر أي ملاحظات على مؤسسة الرئاسة و على شخص الرئيس نفسه إلا أننا لا نقبل أن توجه له الإهانات .

    ردحذف
  5. سبب أو فكرة تصريح الشوارع دى يا أستاذ أحمد أصلا نتيجة سياسة فرض الخوف من كل شئ و كأن مصر لسه فى صوت الغارة بيدوى و المفروض ندهن الشبابيك باللون الأزرق ... الناس بتوع الأمن دول وقف بيهم الزمن لغاية عهد الغارات ... و عايز تقولى ظابط أخر شهادته العلمية ثانوية عامة ب 60 % و الباقى كورس مكثف فى تضييع الحقوق و الضرب و التشليت هيفهم يعنى إيه ( جوجل إيرث ) و صور عبر الأقمار الصناعية ههههه ... يا أستاذ أحمد كلام عامل فيديو الأفراح هو الصح لأنه طالما بيصور رقاصة و واحد بيحشش أوواحد سكران طينه يبقى فى السليم .. أما بقه تقولى أطفال و تنمية و حرية و حق التصوير للجميع ده مش هيحصل طول ما فيه عسكرى بينادى عليك بالأمر علشان الظابط قاعد تحت الشجرة ( يتهوى أو يتشمس ) ... لسه بدررررررررى جدا جدا جدا
    و أنا معك رغم أنى قد أكون صاحب ملاحظات على النظام فى مصر لكنى لا أقبل بنفس الدرجة أن يهان شخص الرئيس لأنه فى النهاية رمز لمصر حتى لو كنا لا نتفق معه

    ردحذف
  6. الأستاذ إسلام
    أشكر تعليقك ، و أشير إلى جزء مهم من الموضوع و هو أن منع التصوير في الشوارع و الأماكن العامة التي لا يمكن اعتبارها مواطن خوف أو قلق أو أن منع تصويرها سيؤدي إلى أكثر من الإساءة لصورة مصر في أعين العالم ، هذا المنع لم يطل بحال التصوير داخل قاعات المحاكم رغم ما يسببه من فوضى نتيجة تكالب الصحفيين و المراسلين للوصول إلى المتهمين و الحصول على أي تصريح من أي شخص .
    و طبعاً دور الأمن في هذا الجانب يقتصر على محاولة إثبات الوجود ، و لا يعتبرون أن من مهامهم فرض نظام ما يتيح لعمل الجميع السير بيسر .
    اليوم تتداول الصحف خبر منع التصوير داخل المحاكم ، القرار رغم موافقتي عليه بشكل مبدأي و تأييدي له و ظني أنه جاء متأخرا يترك تساؤلات و علامات تعجب .
    أولاً منع دخول الكاميرات هو أمر جيد خاصة مع العدد الكبير للقنوات الفضائية مما يعني حدوث فوضى أنا نفسي شاهد عليها ، لكن لا أريد أن يكون منع دخول الكاميرات منعا للتوثيق فما المانع من وجود كاميرا تخص وزارة العدل تسجل وقائع الجلسة خاصة و أساليب التوثيق التقليدية في محاكمنا ، التي يمثلها أشخاص يقومون بتسجيل الوقائع ، هذه الوسيلة أصبحت شديدة البدائية و غير دقيقة إطلاقا .
    أضف إلى ذلك أن الصحفيين عامة ، و يقصد بذلك من يقومون بنقل الأخبار عن طريق الكتابة بدون التوثيق بوسائل تسجيل ، هؤلاء غير ممنوعين من حضور الجلسات ، و النشر عن الأخبار ، و طبعاً القرار يناشدهم الحيادية رغم أن الناس أيا ما كانت مهنتهم ليسوا أنبياء أو معصومين من شخصنة الوقائع ، و هذا كفيل بتوجيه الرأي العام في القضايا تبعا لأهواء أو مصالح .
    و بدلاً من ذلك لماذا لا يتم توظيف ناطقين إعلاميين عن هيئات المحاكمة ينقلون النتائج و ليس الوقائع ، و لماذا لا تلحق بقاعات المحاكم صالات ليقوم هؤلاء الأشخاص من خلالها بالتقاء مراسلي الصحف و القنوات و يسمح بتصوير تلك اللقاءات بشكل منظم و حضاري من قبل مصوري الوكالات و القنوات الإخبارية دون أن يؤثر ذلك على سير المحاكمات أو نتائجها .

    ردحذف
  7. ما هى هنا المشكلة إحنا عندنا نظرية " الجزر المنعزلة " كل واحد ماشى على قضيب يعنى لا فيه وزارة ممكن تتقدم لوزارة تانية بحل لمشكلة أو باقتراح ممكن يرضى كل الأطراف .. فيه حالة من يالا نفسى .. و أنا فعلا بحيك على الحلول إل أنت طرحتها بس زى ماقلت غن حد عايش مع التجربة دى ... و لقيت ليها حل بس الوزارت عندنا معندهاش مبدأتبادل المنافع و الخبرة علشان كده اتمنى بس إن أفكارك تلاقى النور .. غير كده ربنا يبعد الفساد لأن كاميرا فى بتوه المحكمة يعنى ممكن يحصل قص و لزق و كله بحسابه ... و إنت عارف المحمة فى مصر بالنسبة لناس هى البيضة الدهب

    ردحذف
  8. عندك حق تماما
    اقرا هنا من فضلك
    نفس المشكلة اللي بتواجهني دايما
    http://mostanqa3at.blogspot.com/2010/05/7.html

    ردحذف
  9. It is the best time to make some plans for the future and it is
    time to be happy. I've read this post and if I could I want to suggest you few interesting things or tips. Perhaps you can write next articles referring to this article. I desire to read even more things about it!
    My web page ; wiki.viniciuswerneck.com

    ردحذف
  10. Hello, Neat post. There is an issue together with your web site in internet explorer, could test this?
    IE still is the market leader and a big portion
    of people will pass over your fantastic writing because of this problem.
    My web page: Gerardo Turks

    ردحذف
  11. هل لديكم فكرة عن كيفية استخراج "تصريح الشوارع" هذا؟

    ردحذف

إعلانات مدمجة

مشاركة مميزة

٣٠ يونيو أخر موعد لإستقبال سيناريوهات مسابقة ممدوح الليثي بالإسكندرية السينمائي

  أعلنت إدارة مهرجان الإسكندرية برئاسة الناقد السينمائي الأمير أباظة في وقت سابق عن فتح باب إستقبال السيناريوهات للمشاركة بمسابقة ممدوح اللي...

سيعجبك أيضاً إن شاء الله