لقراءة المقال على اليوم السابع -- اضغط هنا
طبعاً الكثيرون منا هذه الأيام يتابعون المواقع الإخبارية و الصحفية على شبكة المعلومات العالمية ، و جلنا يستغرب صراعاً عنيفاً ينشب بين أبناء البلاد العربية حيث تكاد كلمات كل فئة تفتك بالآخرين ، و الكل يدعي أن بلده صاحبة الفضل على البلاد الأخرى خاصة فيما يتعلق بالتاريخ القريب . الكل يظن حكومته الوحيدة التي دافعت عن قضية فلسطين و هو ما يتطلب وصف الآخرين بالخونة ، و طبعاً يرى بلده الأكثر تطوراً و الأسرع نمواً ، و بالتبعية فهي الأولى اقتصادياً تليها كافة بلدان المنطقة ، هذا و في كل المناحي الأخرى أيضاً ، و كل فرد من العرب المتصارعين يشن هجوماً مدججاً بالأدلة على صحة رأيه ، و هو مؤمن أيما إيمان بموضوعيته الشديدة .
هذا الموقف ذكرني بالمدارس التي ارتدتها في المراحل التعليمية المختلفة ، فكانت الإذاعة المـدرسية كل يوم تسوق لنا أخباراً نفهم منها أن مدرستنا أحرزت قصب السبق في منافسة ما بين المدارس أو أنها أدخلت شيئاً جديداً يعد الأول من نوعه في المنطقة ، و هكذا .
نشحن كل يوم بروح الانتماء لمدرستنا و التعصب لإدارتها النابهة النابغة النشيطة و تنمو بين ضلوع الطلبة نزعة الإحساس بالتفوق و الرقي عن الآخرين .
كان ذلك يظهر واضحاً من تعاملنا مع أبناء المدارس الأخرى الذين كانوا يأتون إلى مدرستنا حيث تعقد فيها مسابقات أوائل الطلبة . كنا نراهم دائما أقل منا حجما و علماً و ثقافة ، بل كدنا نعتقد فيهم أنهم من جنس آخر لا يرقى إلى ما نحن فيه من تطور .
و ظل الأمر كذلك ، حتى جاء يوم قررت فيه الإدارة التعليمية ، و هي قراراتها فوق الجميع الراقين منا ، و المتخلفين أمثال الآخرين ، قررت أن تتناوب المدارس عقد منافسات أوائل الطلبة فيما بينها و لا تكون هذه المسابقات حكراً على مدرسة أو مدارس معينة . ذلك القرار كان معناه أن نخرج نحن – فريق المتفوقين – لنزور مدارس أخرى ليوم دراسي كامل نشارك أبناء هذه المدارس جميع أنشطتهم بدءاً بالطابور الصباحي و حتى الحصة الأخيرة و ما بينهما تحية العلم و الفسحتان الصغيرة بعد الحصة الثالثة و الكبيرة بعد الرابعة – على ما أذكر . و أيضاَ ، نستمع إلى الإذاعة المدرسية . هنا كانت المفاجأة !!
ما سمعناه في إذاعات المدارس الأخرى كان نفس ما اعتدنا سماعه في مدرستنا . البطولات التي يتغنون بها ذات بطولاتنا ، و الإنجازات كذلك .
في البدء كذَّبناهم و رفضنا تصديق أي شيءٍ يخالف ما اعتدنا سماعه ، لكن مع الأيام ألف أكثرنا تكذيب الآخرين مضافاً إليه التشكك فيما تطرحه أمامنا إدارة مدرستنا عبر إذاعة الصباح . هذا الشك أصبح العنصر الأول و الأساسي في قراءتي للأخبار ، حتى إنني عندما انتقلت إلى الصف الأول الثانوي ، و استقبلنا مدير المدرسة بخطبة عصماء يرحب فيها بنا في مدرستنا الجديدة ذات التاريخ العريق و الإنجازات الفريدة . كان أول ما لفت نظري في حديثه قوله إن مدرستنا – المتفوقة – أحرزت المركز الرابع على مدينتنا في نتائج العام الفائت .. هنا توقفت عند مقارنته للمدرسة مع مدارس المدينة و ليس الجمهورية أو حتى المحافظة ، يعني أنه يتحدث عن شأن شديد المحلية . أضف إلى ذلك أن مدينتنا – الصغيرة - ليس بها إلا أربع مدارس ثانوية مما يعني أن مدرستنا هي الأخيرة . الأمر ليس حالاً للفخر إذاً بل موجب للرثاء .
عندها ابتسمت أنا لما أدركته من حيلة في حديث السيد المدير ، لكن الطلبة الآخرين كانوا ينصتون إليه و كلهم فخر بمدرستهم الجديدة ، ربما لأنهم لم يشاركوا في منافسات الطلبة الأوائل ، و لم يخرجوا من مدارسهم أو يستمعوا في حيواتهم لغير إذاعاتها الصباحية .
ذلك يوضح تماماً - من وجهة نظري – مشكلة المواطنين العرب مع مواقع الإنترنت ، هذه المشكلة ليست وليدة الحقبة الحالية بقدر ما هي نتاج ترسبات عبر حقب طويلة تم فيها شحن هؤلاء عن طريق إعلام داخلي منغلق ، و معلومات يتوارثها الأبناء عن آبائهم تعتمد أساساً على تضخيم الذات و تصور الآخرين و كأنهم مجرد أتباع في كل المجالات و على كافة المستويات . في الماضي كما الحاضر بل و المستقبل أيضاً .
ثم جاءت ثورة الإنترنت في السنوات الأخيرة لتفتح أمام الجميع بوابات النقاش . كل البلدان العربية و غيرها في ساحة واحدة لا مجال فيها لفرض الرأي عن طريق تعلية الصوت ( الأمر الذي يجيده العرب ) بل لا بد من التحاور ليكتشف كل واحد منفرداً أن ما كرس نفسه لاعتقاده من أفكار ليس إلا خداعاً طويل الأمد الحقيقة فيه مجرد أساسٍ أما المبنى فهو طائفة من المبالغات و أحياناً الأكاذيب .
لقد خرجت الشعوب فجأة من جدران مدارسها باستخدم تقنيات الاتصال الحديثة ، و أصبح عليهم أولاً التشكك و التشكيك في صحة ما لديهم من معلومات ، و ثانياً عدم الثقة فيما يقدمه الآخرون من أفكار مضادة لما اعتادوه مع عدم رفض هذه الأفكار نهائياً فربما كانت نسبة صحتها أعلى ، وثالثاً على الحكومات أن تدرك هذه الحقيقة و تتعامل مع شعوبها بشفافية أكبر ؛ فهي لم تعد المصدر الوحيد للمعلومات كما كانت قبل سنوات .
طبعاً الكثيرون منا هذه الأيام يتابعون المواقع الإخبارية و الصحفية على شبكة المعلومات العالمية ، و جلنا يستغرب صراعاً عنيفاً ينشب بين أبناء البلاد العربية حيث تكاد كلمات كل فئة تفتك بالآخرين ، و الكل يدعي أن بلده صاحبة الفضل على البلاد الأخرى خاصة فيما يتعلق بالتاريخ القريب . الكل يظن حكومته الوحيدة التي دافعت عن قضية فلسطين و هو ما يتطلب وصف الآخرين بالخونة ، و طبعاً يرى بلده الأكثر تطوراً و الأسرع نمواً ، و بالتبعية فهي الأولى اقتصادياً تليها كافة بلدان المنطقة ، هذا و في كل المناحي الأخرى أيضاً ، و كل فرد من العرب المتصارعين يشن هجوماً مدججاً بالأدلة على صحة رأيه ، و هو مؤمن أيما إيمان بموضوعيته الشديدة .
هذا الموقف ذكرني بالمدارس التي ارتدتها في المراحل التعليمية المختلفة ، فكانت الإذاعة المـدرسية كل يوم تسوق لنا أخباراً نفهم منها أن مدرستنا أحرزت قصب السبق في منافسة ما بين المدارس أو أنها أدخلت شيئاً جديداً يعد الأول من نوعه في المنطقة ، و هكذا .
نشحن كل يوم بروح الانتماء لمدرستنا و التعصب لإدارتها النابهة النابغة النشيطة و تنمو بين ضلوع الطلبة نزعة الإحساس بالتفوق و الرقي عن الآخرين .
كان ذلك يظهر واضحاً من تعاملنا مع أبناء المدارس الأخرى الذين كانوا يأتون إلى مدرستنا حيث تعقد فيها مسابقات أوائل الطلبة . كنا نراهم دائما أقل منا حجما و علماً و ثقافة ، بل كدنا نعتقد فيهم أنهم من جنس آخر لا يرقى إلى ما نحن فيه من تطور .
و ظل الأمر كذلك ، حتى جاء يوم قررت فيه الإدارة التعليمية ، و هي قراراتها فوق الجميع الراقين منا ، و المتخلفين أمثال الآخرين ، قررت أن تتناوب المدارس عقد منافسات أوائل الطلبة فيما بينها و لا تكون هذه المسابقات حكراً على مدرسة أو مدارس معينة . ذلك القرار كان معناه أن نخرج نحن – فريق المتفوقين – لنزور مدارس أخرى ليوم دراسي كامل نشارك أبناء هذه المدارس جميع أنشطتهم بدءاً بالطابور الصباحي و حتى الحصة الأخيرة و ما بينهما تحية العلم و الفسحتان الصغيرة بعد الحصة الثالثة و الكبيرة بعد الرابعة – على ما أذكر . و أيضاَ ، نستمع إلى الإذاعة المدرسية . هنا كانت المفاجأة !!
ما سمعناه في إذاعات المدارس الأخرى كان نفس ما اعتدنا سماعه في مدرستنا . البطولات التي يتغنون بها ذات بطولاتنا ، و الإنجازات كذلك .
في البدء كذَّبناهم و رفضنا تصديق أي شيءٍ يخالف ما اعتدنا سماعه ، لكن مع الأيام ألف أكثرنا تكذيب الآخرين مضافاً إليه التشكك فيما تطرحه أمامنا إدارة مدرستنا عبر إذاعة الصباح . هذا الشك أصبح العنصر الأول و الأساسي في قراءتي للأخبار ، حتى إنني عندما انتقلت إلى الصف الأول الثانوي ، و استقبلنا مدير المدرسة بخطبة عصماء يرحب فيها بنا في مدرستنا الجديدة ذات التاريخ العريق و الإنجازات الفريدة . كان أول ما لفت نظري في حديثه قوله إن مدرستنا – المتفوقة – أحرزت المركز الرابع على مدينتنا في نتائج العام الفائت .. هنا توقفت عند مقارنته للمدرسة مع مدارس المدينة و ليس الجمهورية أو حتى المحافظة ، يعني أنه يتحدث عن شأن شديد المحلية . أضف إلى ذلك أن مدينتنا – الصغيرة - ليس بها إلا أربع مدارس ثانوية مما يعني أن مدرستنا هي الأخيرة . الأمر ليس حالاً للفخر إذاً بل موجب للرثاء .
عندها ابتسمت أنا لما أدركته من حيلة في حديث السيد المدير ، لكن الطلبة الآخرين كانوا ينصتون إليه و كلهم فخر بمدرستهم الجديدة ، ربما لأنهم لم يشاركوا في منافسات الطلبة الأوائل ، و لم يخرجوا من مدارسهم أو يستمعوا في حيواتهم لغير إذاعاتها الصباحية .
ذلك يوضح تماماً - من وجهة نظري – مشكلة المواطنين العرب مع مواقع الإنترنت ، هذه المشكلة ليست وليدة الحقبة الحالية بقدر ما هي نتاج ترسبات عبر حقب طويلة تم فيها شحن هؤلاء عن طريق إعلام داخلي منغلق ، و معلومات يتوارثها الأبناء عن آبائهم تعتمد أساساً على تضخيم الذات و تصور الآخرين و كأنهم مجرد أتباع في كل المجالات و على كافة المستويات . في الماضي كما الحاضر بل و المستقبل أيضاً .
ثم جاءت ثورة الإنترنت في السنوات الأخيرة لتفتح أمام الجميع بوابات النقاش . كل البلدان العربية و غيرها في ساحة واحدة لا مجال فيها لفرض الرأي عن طريق تعلية الصوت ( الأمر الذي يجيده العرب ) بل لا بد من التحاور ليكتشف كل واحد منفرداً أن ما كرس نفسه لاعتقاده من أفكار ليس إلا خداعاً طويل الأمد الحقيقة فيه مجرد أساسٍ أما المبنى فهو طائفة من المبالغات و أحياناً الأكاذيب .
لقد خرجت الشعوب فجأة من جدران مدارسها باستخدم تقنيات الاتصال الحديثة ، و أصبح عليهم أولاً التشكك و التشكيك في صحة ما لديهم من معلومات ، و ثانياً عدم الثقة فيما يقدمه الآخرون من أفكار مضادة لما اعتادوه مع عدم رفض هذه الأفكار نهائياً فربما كانت نسبة صحتها أعلى ، وثالثاً على الحكومات أن تدرك هذه الحقيقة و تتعامل مع شعوبها بشفافية أكبر ؛ فهي لم تعد المصدر الوحيد للمعلومات كما كانت قبل سنوات .
المدونة رائعة شكرا لك ..
ردحذفشكرا على المدونة الرائعة
ردحذفشكرا على المدونة
ردحذفشكرا على المدونة
ردحذفالمدونة رائعة :) ,بالتوفيق دائما
ردحذفاشكرك على هذة المدونة الرائعة
ردحذفشكرا جزيلا على هذة المقالة الجميلة
ردحذفشكرا على مجهودك الرائع
ردحذفشكرا على المدونه الجميلة ,اتمنى لك التوفيق :)
ردحذفشكرا جزيلا على هذة المقالة الجميلة
ردحذفشكرا على المدونه الجميلة و بالتوفيق دائما
ردحذفشكراااااا على مدونتك الرائعة
ردحذفالمدونة رائعة شكرا لك ..
ردحذفشكرا على المدونه الجميلة و بالتوفيق دائما
ردحذفشكراااااا على مدونتك الرائعة
ردحذفاشكرك على هذة المدونة الرائعة
ردحذفشكرا على مجهودك الرائع
ردحذفشكرا على المدونه الجميلة و بالتوفيق دائما
ردحذفاشكرك على هذة المدونة الرائعة
ردحذفالمدونة رائعة شكرا لك ..
ردحذفشكرا جزيلا على هذة المقالة الجميلة
ردحذفشكراااااا على مدونتك الرائعة
ردحذفشكراااااا لك .....مقالتك اكثر من رائعه
ردحذفمدونتك رائعة .. اعدك بالزيارة الدائمة انشاء الله .. كل التوفيق
ردحذفأشكر جميع من تفضل بزيارة المدونة و كل من شرفني بالتعليق ..
ردحذفأنتظر زياراتكم المقبلة ، و أدعو من يحب أو يرغب في المشاركة إلى مراسلتي ، كل اقتراحاتكم و تعقيباتكم لها كل التقدير و الاحترام .
يمكن مراسلتي عبر مربع المشاركة الأبيض في منتصف العامود الأيسر ، أو مباشرة عبر البريد الإلكتروني :
ahmonad@yahoo.com
قلمك رائع .. شكرا لك ..واعدك بالزيارة
ردحذفشكراااااا على مدونتك الرائعة
ردحذفقلمك رائع .. شكرا لك ..واعدك بالزيارة
ردحذفشكرا على المدونه الجميلة و بالتوفيق دائما
ردحذفاشكرا كثيرااا...مدونتك اكثر من رائعه
ردحذفشكرا جزيلا علي مدونتك الرائعه
ردحذفشكرا على مجهودك الرائع
ردحذفمدونتك رائعه.....شكرااا لك
ردحذفمجهود رائع ومدونه مميزه...شكرااا لك
ردحذفمقاله رائعه ومميزه جدااا...بالتوفيق دائما
ردحذفمدونه اكثر من رائعه ...كل التوفيق
ردحذف