قبل سنوات قلائل ، و إبَّان الفوران الذي سبق و تلى و واكب الانتخابات الرئاسية السابقة في مصر و الذي عمَّ الشارع المصري و لم ينته حتى اللحظة تعرضت لموقف لم يغب عني و ربما لن أنساه أبداً .
فقد كانت تجربتي الأولى - و أرجو أن تكون الأخيرة – في أن أكون محوراً للضرب و السباب ، و أنا كقشة تجابه ريحاً .. تلك الريح لم تكن سوى عدد ضخم من قوات شرطة ترتدي زياً مدنياً لم يجعلني أميز درجاتهم العسكرية ، و إن كان الواضح أن أحدهم ضابط ينادونه بصفته " الباشا " و باشاهم هذا لم تصدر عنه كلمة واحدة لكن الجميع تصرف بشكل آلي منفذاً أوامر تبدو محفوظة مسبقاً و لا داع لتكرارها . أما مهمة الريح التي هبت فجأة فكانت ببساطة السيطرة على مظاهرة ، إذا جاز اعتبارها مظاهرة ، يقوم بها عدد من الأشخاص لا يتعدى أصابع اليدين و يقفون على أحد الأرصفة . أما دوري فكان تغطية الأحداث في مصر عامة و ليس هذه المظاهرة بالتحديد خاصة و هي لم تكن مرتبة و إنما نتجت عن صدفة وجود بعض الناشطين في شارع جانبي بوسط البلد بينما كانت بعض القوى السياسية تخطط لمظاهرات أخرى .
ما جعل اللحظة لا تنسى بالنسبة لي لم يكن تعرضي للضرب و لم يكن اقتيادي إلى سيارة ترحيلات و منها إلى ( منتجع ) طرة الشهير حيث قضيت يوماً كاملاً معصوب العينين ، كل ذلك لم يرسخ في ذهني بقدر عبارة قالها أحد أفراد الأمن و هو يكيل لي الضرب و معي بعض الزملاء . كان الرجل بكل عصبية كالموتور يصرخ فينا : بتشوهوا سمعة مصر يا ولاد ال ( ....).
ظل التساؤل ملحاً بالنسبة لي حتى هذه اللحظة : من يشوه سمعة مصر ؟ شخصٌ مثلي يمارس عمله – حاملاً جميع التصاريح الرسمية - لتغطية الأحداث أينما كانت و يسجلها ليطـَّلِع الناسُ عليها و تحفظ في ذاكرة التاريخ لعل يوماً أن يأتي من يحللها و يتدارسها ليستفيد و يفيد الجميع بها ، أم شخصٌ كالآخر يمارس عمله أيضاً لكن مهمته التي ينجزها بتفانٍ أيضاً تستهدف التغطية على الوقائع و منع وصولها إلى العامة خارج مواقع حدوثها ؟
التساؤل يعيد نفسه أيضاً هذه الأيام و نحن مقبلون على انتخابات برلمانية مهمة تتبعها انتخابات رئاسية ربما ستكون الأكثر سخونة على الإطلاق . هل سيواجه العمل الصحفي نفس العقلية التي تعتبر خروج الحقائق إساءةً لسمعة مصر ؟
ثم ما هي سمعة مصر التي يريد البعض الحفاظ عليها بحجبها عن العالم ؟ هل يخلق هذه السمعة إلا الحضور الدائم في وسائل الإعلام العالمية ، أم أن التقوقع و الانحصار داخل حدودنا سيجلب لنا شيئاً غير الانحسار عن المشهد العالمي ؟
إن كل مصري سافر حول العالم أدرك أن كثيراً من الشعوب لم تسمع أصلاً بمصر و هذه حقيقة لا يدركها معظم المصريين الذين لم يغادروا الحدود أبداً ، بل حتى الشعوب التي تعرف عن مصر توقفت تلك المعرفة لديهم عند تواريخ سحيقة ؛ فالبعض عندما تكلمه عن بلدك سيحدثك عن الفراعنة و بعض القصص الهوليودية و الصحراء و الجمال ، و في أفضل الحالات ستجد من يدعي معرفة مصر و عندما تسأله عن معلوماته سيقول كلمة واحدة " ناصر " و إلى هنا انتهى تاريخ مصر عند كثير من شعوب العالم .
هدة العقلية التى تحدث عنها عاطف الطيب فى البرئ فهم يعتمدون على اشخاص لا يعرفون الا الاوامر عندما يقولون له ان عدو الوطن فقد انتها الامر فهل تجد اى اختلاف بعد 30عام من الفيلم فى عقلية الادارة او طريقة الاختيار اما عن طريقة المعاملة فقد تاخرت كثيرا فى اكتشاف الحقيقة ولكن ما لا يعرفونه ان تلك الطريقة تنتج معارضين اشد فقد كنت اكتم راى خشية التعرض للاحتجازولكن لما تعرض لموقف مشابه لموقفك وانا اعمل بشكل رسمى سقط عندى هدا الحاجز يعنى هى موته ولا اكتر واحمد ربنا انهم ملقوش معاك كرنيه مراسلين بلا حدود وإلا كانوا عاملوك كجاسوس
ردحذفمعك حق تماما
ردحذففما يفعلونه عن غير وعي يغذي قوة المعارضة لهم ، ولا يمنع الخبر أن يمر .