بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، أغسطس 16، 2010

سوق ليبيا بمرسى مطروح .. شاهدٌ صيني على العلاقات بين مصر و ليبيا

 
 
  بداية أشير إلى أمر لاحظته في كل المدن الشرقية التي زرتها و هو وجود نوعين رئيسيين من الأسواق يحرص زوار المدينة أن يمروا بهما ، الأول هو أسواقٌ تشبه خان الخليلي بالقاهرة و عادة ستجد نفس المنتجات الموجودة بالخان من عطور شرقية و بخور و مصنوعات يدوية سواء جلدية أو معدنية و مجوهرات و حلي و عطارة مع اختلافات بسيطة بين مدينة و أخرى ، مثلاً في إسلام أباد و التي تجد مثل هذه الأسواق داخل فنادقها أو ملحقة بها لن تصادف منتجات البردي و تصاميم الآنية و التماثيل بالأشكال الفرعونية لكنك طبعا ستجد الشيَش و النراجيل أو الأراجيل و التي يقبل على شرائها السائحون العرب رغم وفرتها في بلادهم ، و في المدينة المنورة و مكة المكرمة و جدة لن تجد أزياء الرقص الشرقي لكنك ستجد بديلاً لها مزيداً من العباءات و الجلابيب و الطواقي ، أما في دبي فستجد كل شيء مستنسخا كما تجده في مصر تماماً و في البلاد الأخرى أيضاً .
 
   النوع الثاني هو أسواق المنتجات الرخيصة بعضها محلي الصنع و بعضها مستورد ، و أغرب ما في هذه الأسواق حالياً هو أن جُل معروضاتها صينية الصنع و رغم ذلك لازال المسافرون الوافدون يمرون بها و يملأون حقائبهم من بضائع تغرق أسواق بلادهم كما تنضح بها كل أسواق العالم . 
 
 
   سوق ليبيا بمدينة مرسى مطروح التي تقع شمال غربي مصر قريباً من الحدود المصرية الليبية ، هو أحد هذه الأسواق من النوع الثاني ، و يتميز هذا السوق باسمه الذي استمده كونه امتداداً أو تطويراً لشارع المهربين أو التهريب الذي يقع قريباً منه و كان مركزاً مهماً لبيع البضائع المهربة من ليبيا .
 
 
  أيام الانغلاق الاقتصادي - كما لازال يذكرها المصريون - لم يكن استيراد الكماليات و كل أدوات الرفاهية أمراً مسموحاً للمصريين بينما كانت السلع الأوروبية تغرق ليبيا من كل صنف ولون فكانت الحدود الصحراوية بين مصر و ليبيا بوابة تتدفق عبرها تلك البضائع مما جعل المهربين ينشطون مستخدمين سيارات الدفع الرباعي في اختراق الصحراء للحصول على المكاسب الكبيرة التي تدرها هذه التجارة ، و أظن الحكومة المصرية بشكل أو آخر تركت تلك الفسحة عن وعي و زادت سماحتها بعد نكسة 67 و حتى قيام الثورة الليبية ( ثورة الفاتح من سبتمبر ) عام 1969 و التي تبنت أفكاراً اقتصادية كالتي كانت مطبقة في مصر حينها و من ثم انتهى سبب التهريب ، و إن كان نشاط المهربين نفسه لم يختف إلا بعد ما أصاب العلاقات المصرية الليبية من توتر بسبب الخلافات بين الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات و الرئيس الليبي معمر القذافي ( مع حفظ الألقاب ) الأمر الذي دفع السلطات لتشديد الرقابة على الحدود و تمركز جانب من الجيش المصري في الصحراء الغربية كما ألزمت الحكومة المصرية أصحاب سيارات الدفع الرباعي بتركيب أرقام مرورية ليسهل معرفة أصحابها ، و راحت الطوافات تطارد من يحاول اختراق الحدود .
 
 
اليوم و عندما تتجول في سوق ليبيا بمرسى مطروح لن تصادفك إلا أصنافٌ قليلة من البضائع محلية الصنع ( منتجات واحة سيوة من التمور و الزيتون و الملوخية الجافة و النعناع الجاف ) و قليل أيضاً من المنتجات القادمة من المغرب العربي مثل الكسكسي و التونة المعبأة الواردة من تونس ، و فيما عدا ذلك سترى كل ما تراه في القاهرة من منتجات صينية ، كل شيءٍ صيني حتى فوانيس رمضان المصنعة بأشكال أبو تريكة ( لاعب المنتخب المصري ) و المعلم حسن شحاتة ( مدرب المنتخب ) .
و يبقى اسم ليبيا على السوق كذاكرة لتاريخ و أيام يراها البعض حلوة ويصفها آخرون بالمُـرة ، لكنها على أي حال مرت ، و لعل القادم أجمل .
 
 
 

هناك تعليقان (2):

إعلانات مدمجة

مشاركة مميزة

تمديد فترة التسجيل في الدورة السادسة من المهرجان الدولي للسينما البيئية في قابس حتى 15 فبراير 2025 عند منتصف الليل

  أعلنت إدارة المهرجان الدولي للسينما البيئية في قابس، تونس عن تمديد فترة التسجيل للمشاركة في دورته السادسة، المقرر انعقادها في الفترة من 12...

سيعجبك أيضاً إن شاء الله