فجأة
تحول الحديث في أحد البرامج التليفزيونية الشهيرة عن حادثة الطريق الدائري التي راح ضحيتها اثنى عشر قتيلاً بسبب رعونة قيادة شاب متهور ، إلى أم محمد التي صنعت ( نصبةً أو فرشة ) على رصيف الدائري تقدم من خلالها الشاي و المشروبات و بعض أنواع البسكويت للسائقين .
لفت نظري أن اثنين من كبار أساتذة الهندسة متخصصين في هندسة الطرق ، اهتما بفكرة وجوب الرقابة على الطريق حتى لا تحدث مثل هذه الحوادث المفجعة ، و انجرف بهما الحديث عن أم محمد متناسين تماماً أن ثلاثة محاور اشتركت في كونها أساساً للحادث ، و هي :
فالسؤال الذي أجده ملحاً ، لماذا يترك المصممون عندنا أخذ سلوكيات الناس في الاعتبار عند الشروع في تصور أي مشروع جديد ؟
ليس منتظراً من الناس إذا وضعتهم في بيئة تجريبية غريبة عنهم أن يسلكوا بطريقة مختلفة عما اعتادوه و تفرضه ثقافتهم ، و الأسهل أن تحور هذه البيئة ( الجديدة ) لتناسب تصرفاتهم ، و بذلك تأخذ بأيديهم ، و تحمي بيئتك دو ن عوائق تدمر البيئة و الناس معاً .
و في مثال كالطريق الدائري و غيره من الطرق المصرية التي وصل ضحاياها إلى 22 ألفاً في السنة ( أي أكثر من ضحايا بعض الحروب التي استمرت لسنوات ) و لمن لا يعرف الدائري فهو طريق أنشئ كما في معظم دول العالم في السنوات الأخيرة ليدور حول المدن الكبرى ناقلاً تكدس السير من قلب المدينة إلى خارجها مع تحديد مخارج تصل إلى مناطق محددة تعتبر محاور للوصول إلى مختلف أحياء المدينة .
دائري القاهرة مختلف بشكل كبير عن الطرق الدائرية الأخرى التي أنشئت حول كثير من المدن المصرية و هذه الطرق لا تواجه مشاكل الطريق الأول الذي يمر حول واحدة من أكبر المدن في العالم و التي تزيد مساحتها عن بعض الدول في أوروبا أو الخليج العربي ، كما أنه يمر بأكثر مناطق القاهرة عشوائية و التي أنشئت عند أطراف العمران دون رقيب أو حسيب و كان متوقعاً طبعاً أن يستمر قاطنوا تلك المناطق في تحويرهم المتعمد للطريق ليتناسب و متطلبات حياتهم ، فتجد سائقي الميكروباص ( النقل العام ) يتوقفون لينزل بعض الركاب في مكان لا يبدو ذا صلة بالعمران و عندما تسأل تجد من يشير في اتجاه ما و يخبرك أن ثمة سلَّماً هنا ، و هذه السلالم صنعت بأيدي المواطنين بطريقة غير آمنة لكنها تضمن الوصول للقاطنين و الذين يعمل معظمهم في وسط القاهرة أو مصانع مدينة 6 أكتوبر و غيرها كما أنها تؤمن استمرار الرواج العمراني لهذه المناطق التي لولا وجود الدائري لتحولت إلى مدن نائية لا يسكنها أحد ، و ربما حتى أصبحت خرائب و أطلال .
على جانب آخر تجد سائقي النقل يتوقفون رغماً عن الطريق ليتناولوا الشاي ويشتروا بعض حاجاتهم البسيطة من أم محمد و غيرها ممن يقدمون هذه الخدمات التي لم يوفرها مصمم الطريق حيث لا يمكننا الأخذ في الاعتبار الأسواق الملحقة بمحطات تموين البنزين و التي تعتبر خدماتها غالية بالنسبة للسائقين و التبَّاعين و غيرهم من مستخدمي الطريق .
هنا كان على المصممين الذين لا أشكك في كفاءتهم و الذين صمموا أو شاركوا في تصميم و تنفيذ طرق هامة في كثير من دول العالم أن يأخذوا في الاعتبار سلوكيات الناس المتوقعة و التي تختلف كثيراً عما يجدونه في الكتب العالمية ، و تختلف عما ينتظر من سكان مناطق راقية في قلب المدينة الكبيرة ، ربما إذا فعلوا ذلك لقاموا هم بتوظيف أم محمد من البداية لتقديم خدماتها على الطريق و وفروا الكثير من المال و النظام و الأرواح التي فقدت في سبيل كوب من الشاي تقدمه أم محمد .
* أم محمد هو اسم افتراضي و ليس حقيقياً ذكرته فقط للتعميم و ليس إشارة لأحدٍ بعينه .
تحول الحديث في أحد البرامج التليفزيونية الشهيرة عن حادثة الطريق الدائري التي راح ضحيتها اثنى عشر قتيلاً بسبب رعونة قيادة شاب متهور ، إلى أم محمد التي صنعت ( نصبةً أو فرشة ) على رصيف الدائري تقدم من خلالها الشاي و المشروبات و بعض أنواع البسكويت للسائقين .
لفت نظري أن اثنين من كبار أساتذة الهندسة متخصصين في هندسة الطرق ، اهتما بفكرة وجوب الرقابة على الطريق حتى لا تحدث مثل هذه الحوادث المفجعة ، و انجرف بهما الحديث عن أم محمد متناسين تماماً أن ثلاثة محاور اشتركت في كونها أساساً للحادث ، و هي :
- تهور قائد المركبة .
- كثرة المخالفات السلوكية على الطريق الدائري من قبل راكبي المركبات ، و المشاة ( الذين لم يُصنع لهم الطريق أساساً ) ، و أحيانا عناصر أخرى بعضهم هو المكلف أصلاً بحفظ النظام .
- ثالثاً ، و أهم ما في الموضوع ، مشاكل في تصميم و تنفيذ الطريق .
فالسؤال الذي أجده ملحاً ، لماذا يترك المصممون عندنا أخذ سلوكيات الناس في الاعتبار عند الشروع في تصور أي مشروع جديد ؟
ليس منتظراً من الناس إذا وضعتهم في بيئة تجريبية غريبة عنهم أن يسلكوا بطريقة مختلفة عما اعتادوه و تفرضه ثقافتهم ، و الأسهل أن تحور هذه البيئة ( الجديدة ) لتناسب تصرفاتهم ، و بذلك تأخذ بأيديهم ، و تحمي بيئتك دو ن عوائق تدمر البيئة و الناس معاً .
و في مثال كالطريق الدائري و غيره من الطرق المصرية التي وصل ضحاياها إلى 22 ألفاً في السنة ( أي أكثر من ضحايا بعض الحروب التي استمرت لسنوات ) و لمن لا يعرف الدائري فهو طريق أنشئ كما في معظم دول العالم في السنوات الأخيرة ليدور حول المدن الكبرى ناقلاً تكدس السير من قلب المدينة إلى خارجها مع تحديد مخارج تصل إلى مناطق محددة تعتبر محاور للوصول إلى مختلف أحياء المدينة .
دائري القاهرة مختلف بشكل كبير عن الطرق الدائرية الأخرى التي أنشئت حول كثير من المدن المصرية و هذه الطرق لا تواجه مشاكل الطريق الأول الذي يمر حول واحدة من أكبر المدن في العالم و التي تزيد مساحتها عن بعض الدول في أوروبا أو الخليج العربي ، كما أنه يمر بأكثر مناطق القاهرة عشوائية و التي أنشئت عند أطراف العمران دون رقيب أو حسيب و كان متوقعاً طبعاً أن يستمر قاطنوا تلك المناطق في تحويرهم المتعمد للطريق ليتناسب و متطلبات حياتهم ، فتجد سائقي الميكروباص ( النقل العام ) يتوقفون لينزل بعض الركاب في مكان لا يبدو ذا صلة بالعمران و عندما تسأل تجد من يشير في اتجاه ما و يخبرك أن ثمة سلَّماً هنا ، و هذه السلالم صنعت بأيدي المواطنين بطريقة غير آمنة لكنها تضمن الوصول للقاطنين و الذين يعمل معظمهم في وسط القاهرة أو مصانع مدينة 6 أكتوبر و غيرها كما أنها تؤمن استمرار الرواج العمراني لهذه المناطق التي لولا وجود الدائري لتحولت إلى مدن نائية لا يسكنها أحد ، و ربما حتى أصبحت خرائب و أطلال .
على جانب آخر تجد سائقي النقل يتوقفون رغماً عن الطريق ليتناولوا الشاي ويشتروا بعض حاجاتهم البسيطة من أم محمد و غيرها ممن يقدمون هذه الخدمات التي لم يوفرها مصمم الطريق حيث لا يمكننا الأخذ في الاعتبار الأسواق الملحقة بمحطات تموين البنزين و التي تعتبر خدماتها غالية بالنسبة للسائقين و التبَّاعين و غيرهم من مستخدمي الطريق .
هنا كان على المصممين الذين لا أشكك في كفاءتهم و الذين صمموا أو شاركوا في تصميم و تنفيذ طرق هامة في كثير من دول العالم أن يأخذوا في الاعتبار سلوكيات الناس المتوقعة و التي تختلف كثيراً عما يجدونه في الكتب العالمية ، و تختلف عما ينتظر من سكان مناطق راقية في قلب المدينة الكبيرة ، ربما إذا فعلوا ذلك لقاموا هم بتوظيف أم محمد من البداية لتقديم خدماتها على الطريق و وفروا الكثير من المال و النظام و الأرواح التي فقدت في سبيل كوب من الشاي تقدمه أم محمد .
* أم محمد هو اسم افتراضي و ليس حقيقياً ذكرته فقط للتعميم و ليس إشارة لأحدٍ بعينه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق