بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، يونيو 13، 2014

الدبة تقتل صاحبها دائماً


  قبل سنواتٍ ثلاث و تحديداً يوم 28 يناير كان صوت مذيع الهواء المختفي داخل أحد ستوديوهات ماسبيرو يخاطب الناس في بيوتهم الدافئة عن حال البلد المستقر و أن لا صحة لما يشاع عن حرائق بمؤسسات عامة ، في نفس اللحظة كانت شاشة التليفزيون المصري تنقل على الهواء صورة لمبنى الحزب الوطني المركزي و مبنى المجالس القومية المتخصصة و النار تأكلهما ، و لا تُنسى أبداً حركة ( الزووم ) التي قام بها مصور مجهول على إعلان ضخم فوق مبنى  الحزب يقول : علشان تطمن على مستقبل ولادك . و كان الدخان يتصاعد في الخلفية .. هذا التتابع فهمه معظم الناس : سقط النظام ، سقط رغم أن صوت المذيع كان يبذل جهده محاولاً إقناع الناس بالعكس ، إقناع الناس بما لا يستطيع هو نفسه تصديقه لأن الصورة التي ينقلها زملاؤه أنفسهم منفصلة تماما عن ما يقول

      مرت السنوات ، بحلوها و مرٍّها ، بآمال حملتها و إخفاقاتٍ حققناها ، و لا يريد الإعلام المصري أن يتعلم . يصر دائماً على لعب دور الدبة التي تقتل صاحبها فقط لتهش ذبابة عن وجهه

   قبل أيام قلائل ، حدث ما يذكره الجميع من تنحية الفريق السيسي من ترشيحات مجلة التايم الأمريكية لشخصية العام ، و السبب كان هو الحشد الذي قامت به قنواتنا الإعلامية المكتوبة و المسموعة و المرئية  من خلال مواقعها الإلكترونية لحث و توجيه الأصوات من الجمهور المصري الذي غالباً لا يقرأ المجلة أو حتى يهتم بها ليرفع ترتيب الفريق من موقعه المتأخر فيحتل مكانة المغنية المثيرة للجدل – و أشياء أخرى – مايلي سايرس

   فغر الإعلاميون المصريون أفواههم

   عكفوا على تحليل الموقف من خلال نظرية المؤامرة محاولين التنصل من مسئوليتهم ، محاولين تجاهل الحقيقة أو مغافلة البسطاء الذين لا يعرفون أن ما حدث هو نوع من التزوير ، لعب غير شريف في النتائج ، سرقة بينة لأصوات المهتمين لصالح الجهلاء و المتعصبين

   ما علينا ، ليست تلك مشكلة عويصة ، في النهاية وجد الحق من يعيده لأصحابه و غادر المزورون مجللين بالعار ، طبعاً حدث ذلك لأن المجلة أمريكية ، و المتابعين من ثقافة رحمها الله من شوائب ثقافتنا الشائهة

   لكن الآن ، مرة أخرى ، نجد أنفسنا أمام تصويت من المفترض أن يؤثر في مستقبل أبنائنا لعقودٍ قادمة ، و كنا نعتقد أن الإعلام المصري الرسمي و شبه الرسمي ( طبعاً يعرف الجميع الآن أن لا إعلام مستقل في مصر ) تعلم الدرس ، و سيحرص أن تكون نتيجة التصويت نزيهة أو على الأقل تبدو كذلك ؛ لكن للأسف ليس هنا أو هناك من يتعلم من أخطائه ، مرة ثانية و ثالثة يحشد الحاشدون ليس فقط للتصويت لكن تحديداً للتصويت بنعم ، و هو ما يعد تزويراً للاستفتاء قبل أن يبدأ ، يحاولون إقناع الناس أن الذهاب للاستفتاء واجب قومي ، و أن التصويت بنعم جهاد في سبيل الوطن و ليس مجرد تعبير عن الرأي في مواد دستور كتبه بعض المواطنين و يحتاج اعتماد باقي الشعب ليصبح سيفاً على رقاب الجميع ، لا يؤذي من يسايره و يجتث رأس المخالف

   أليس ذلك نفسه ما قيل إنه سبب الخروج على الدستور الموقوف العمل به ، الدستور الذي استفتي عليه قبل شهور ، و قيل إن إيهام البسطاء أن إقراره جهاد في سبيل الله ، كان ذلك سبب سقوطه لأن إرادة الناخب زورت

  الآن نصرُّ مرة أخرى على لعب نفس الدور لإنجاز استفتاء مزور سيجد غالباً من يخرج عليه بعد أيام أو شهور ، و تظل بلدنا المسكين و مواطنونا الفقراء يعتصرهم  حالهم و يتخبطون بين النخب ممن يتبادلون المناصب و السجون ، و يلعبون لعبة الكراسي الموسيقية أمام شاشات الفضائيات التي أصبحت لعبة – كما يقول أهلنا في الصعيد – ماسخة 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات مدمجة

مشاركة مميزة

تمديد فترة التسجيل في الدورة السادسة من المهرجان الدولي للسينما البيئية في قابس حتى 15 فبراير 2025 عند منتصف الليل

  أعلنت إدارة المهرجان الدولي للسينما البيئية في قابس، تونس عن تمديد فترة التسجيل للمشاركة في دورته السادسة، المقرر انعقادها في الفترة من 12...

سيعجبك أيضاً إن شاء الله