بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، يونيو 13، 2014

أنت مصور متخصص ، نسيك العالم .. متى تذكر نفسك

أنت مصور متخصص ، نسيك العالم .. متى تذكر نفسك

 عندما بدأنا العمل في التليفزيون ؛ وجدنا تقديراً كبيراً للمصور و دوره . كنا حديثي التخرج ، جميعنا في بدايات العشرينيات من العمر و مع ذلك لا يتردد مخرجون كبار في استشارتنا و تقديم آراءنا بل و تبجيل أعمالنا .
  عن نفسي كنت أشعر بالزهو حتى جاء يوم و كنت في مهمة تصوير خارجي . تقدم مني بواب المؤسسة التي كنا نصور فيها ، و بعشم كبير سألني : انتوا مش عاوزين مصورين في التليفزيون ؟
  لم أستغرب السؤال .
حينها كان التصوير هو المجال الوحيد في التليفزيون الذي يعاني نقص عدد العاملين فيه لأنه المجال التليفزيوني الوحيد الذي يتوجب على ممارسه ليس فقط الحصول على مؤهلٍ عالٍ ، لكن لابد أن يكون مؤهله متخصصاً ، قانون ممارسة المهنة يوجب أن يكون المصور التليفزيوني خريج كلية الفنون التطبيقية - قسم الفوتوغرافيا و السينما و التليفزيون - أو المعهد العالي للسينما - قسم تصوير ، بينما لا يعد التخصص شرطاً في معظم إن لم يكن كل المهن التليفزيونية الأخرى .
  سألت الرجل الطيب إن كان أحد أقاربه مصوراً لا يعرف كيف يلتحق بالتليفزيون و ما أسهل ذلك في تلك الأيام ففاجأني بأنه هو من يرغب في العمل و قال بكل حماس : أنا مصور كويس جداً أنا ياما صورت أفراح و أعياد ميلاد .
 حينها لم أفكر في شرح الأمر للرجل ، بدا لي الأمر غير ذي جدوى ، مهما حكيت له عن السنوات الخمس للدراسة الجامعية ، أو استقرار مهنة التصوير التليفزيوني في مصر منذ عقود عدة ، و كيف أنه بعد إنهاء الدراسة لابد له من الإلتحاق بالنقابة المهنية ثم يفكر بعد ذلك في العمل كمصور ، و كيف أن هنا في مصر مصورون حاصلون على الماجستير و الدكتوراة في هذا التخصص القديم في هذا البلد و الذي يدرَّس في أقدم أكاديمية تعليمية حديثة أنشأها محمد علي أول ما فكر في النهوض بالبلد ( كلية الفنون التطبيقية ) التي أنشئت في بدايات القرن التاسع عشر و ظلت الأكاديمية الوحيدة المختصة بتخريج المهندسين و الفنانين حتى بدايات القرن العشرين عندما أنشئت مدرسة المهندسخانة و مدرسة الفنون الجميلة .
 كل هذا التاريخ ، ما كان ليغير وجهة نظره عن التصوير التي كونها عبر رحلة حياته الطويلة .
  مر الأمر.. نسيته ، و بعد سنوات فوجئت ، لست وحدي ؛ بل و كل مصوري التليفزيون المصري بوزير إعلام نسينا في خطته المالية التي أُطلق عليها حينها " اللائحة " .
  لم نجد أنفسنا ضمن أي تصنيف للعاملين في التليفزيون ؛ فثُرنا ، و للحق تذكرَنا الرجلُ ، و كأني به يقول : آخ نعم . التليفزيون يعني صورة ، و الصورة تعني وجود شخص اسمه المصور .
  بالمناسبة ، يرى بعض الزملاء أن تسميتنا بالمصورين أصل البلاء ؛ فالمصور هو الله كيف لنا أن نعتدي على اسم من أسمائه الحسنى جل و علا.
  من يدري ، ربما كان معهم حق .
لكن على أي حال الوزير الفاضل تذكر المصور الفاضل ، و الفاضل الثانية غير الأولى في المعنى تماماً .
و عندما تذكَّرنا ، و أراد أن يصنفنا وجدوه يحدق فيمن حوله مشدوهاً ، و يتساءل متعجباً : أيه دة ، هو المصور مؤهل عالي ؟
- يا لهوي !!
لسان حال المصورين انعقد ؛ فآخر ما تصوروه أن وزيرهم لا يعرف شيئاً عنهم .
حينها ، تذكرت البواب الذي استكثرت أن أمضي بعض الوقت معه ، أشرح له كنه المصور و دوره ، و أصحح له مفاهيمه عن التصوير و المصورين . لو حاولنا نحن مصورو مصر المتخصصون الإفصاح عن ذواتنا و إعلان وجودنا للمجتمع دون أن نتكبر عليه تكبراً ألصق بنا النقائِصَ  و ألحق بنا العار و الصَغَـار ؛ أما كان ذلك ليغير ما آل إليه وضعنا .
  اليوم ننظر في سوق العمل التليفزيوني فنجده شائها . وضع المصور المتخصص فيه في أدنى قوائم الإعتبار ، نظراً لأننا انطوينا على أنفسنا سنيناً و انشغلنا بجمع المال و وفرة الأعمال حتى تقدَّمَنا في الصفوف آخرون غيرُ متخصصين لا نلومهم لأنهم أحبوا مجال التصوير و أخلصوا له و بحثوا فيه أكثر مما يفعل المتخصصون ، رغم علمهم أحياناً بأن ممارستهم للتصوير غير قانونية ، و أنهم يعرضون أنفسهم لعقوبات تصل إلى السجن و التغريم هذا فضلاً عن الابتزاز الذي تمارسه عليهم جهات عملهم ؛ لكنهم استمروا في تطورهم و استكان المتخصصون لما ألفوا أنفسهم عليه من علم اكتسبوه بالدراسة و وقفوا عنده حتى تخطاهم و وصلنا إلى حالٍ نجد فيه زخْم السوق زخَماً يعبئه غير المتخصصين بملئهم فراغٍ تركناه قصداً أو سهوا . اليوم تجد مسابقات متخصصة يُحكِّم فيها هواةٌ ، و تجد دورات و حلقات دراسة حرة يحاضر فيها هواة ، و هواة يسعون لإنشاء نقابات مهنية تجعل من وجودهم أمراً واقعاً و قانونياً لتكتمل منظومة الهواة و يتوارى المصور المصري المتخصص في عزلته إلى الأبد ، المصور الذي رفض بالأمس الإنضمام إلى الجمعية المصرية للمصورين الأكاديميين لأنه يريد بناء مكتملاً يحقق له فائدة فورية دون أن يكلفه لا مجهوداً و لا مالاً و لا حتى يقتطع له القليل من وقته ، ثم مرة أخرى يتكاسل عن حضور انتخابات نقابته و اختيار ممثليه في مجلسها بل و التفاخر بذلك دون سبب واضح ، و بعد ذلك يشكي و يبكي لما آل إليه وضع مهنته .
  لكل الزملاء أقول لو لم تسعوا لمصلحة مهنتكم و تتكاتفوا في سبيل ذلك ، لا سبيل لتغيير حالكم .. الناس نسوكم ، فلتذكروا أنتم - على الأقل - أنفسكم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات مدمجة

مشاركة مميزة

الدورة التكوينية الخامسة للمهرجان الدولي للفيديوهات التوعوية.. استحسان كل المشاركين، تكريم وتألق في حضور نخبة من الفنانين والمبدعين

   تونس Latifa Ep Ben Hamida    اختُتِمت بفخر واحتفالية دورة التكوين الخامسة للمهرجان الدولي للفيديوهات التوعوية، وسط حضور مميز لنخبة من الش...

سيعجبك أيضاً إن شاء الله