انطلقت يوم الأحد الماضي (26 أكتوبر 2025)، من مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، الدورة الأولى لمهرجان غزة الدولي لسينما المرأة، بالشراكة مع وزارة الثقافة الفلسطينية وبالتعاون مع مؤسسات عربية ودولية. أقيم الافتتاح في مخيم النزوح الجزائري بشارع البيئة، متزامنًا مع اليوم الوطني للمرأة الفلسطينية، وتحت شعار "نساء ماجدات في زمن الإبادة". في ظل ظروف بالغة الصعوبة، يجسد إقامة المهرجان رسالة إصرار على الحياة والإبداع، وتحديًا حقيقيًا لكل ما يحاول عرقلة المسيرة الثقافية الفلسطينية. لقد أثبت صناع هذا الحدث قدرة على الصمود والإنجاز رغم التحديات، مؤكدين أن الثقافة هي صوت المقاومة.
بدأ حفل الافتتاح بالسلام الوطني الفلسطيني، ثم أعلن الدكتور عزالدين شلح، مؤسس ورئيس المهرجان، عن انطلاق الدورة الأولى. تلاه كلمة معالي وزير الثقافة عماد حمدان عبر فيديو قصير، لعدم تمكنه من الحضور.
تفاصيل انطلاق المهرجان وكلمات الافتتاح
وجه الوزير حمدان تحياته لأهل غزة ومدينة دير البلح، مبديًا سعادته بانطلاق المهرجان في اليوم الوطني للمرأة الفلسطينية الذي صادف 26 أكتوبر، وهو اليوم الذي اختارته الوزارة للإعلان عن الفائزة بجائزة القدس للمرأة العربية. وأثنى الوزير على الجهود المبذولة في قطاع غزة، مؤكدًا: "من تحت التحديات ننهض من أجل إقامة مهرجان غزة الدولي لسينما المرأة، ونحن في وزارة الثقافة سوف نكون من الداعمين إن شاء الله".
من جانبه، رحب الدكتور شلح بـ "عشاق الحياة"، مترحمًا على الشهداء ومتمنيًا الشفاء للجرحى. وأكد أن المهرجان ينطلق لتمكين المرأة الفلسطينية من صناعة أفلام تحاكي قضاياها وعرضها دوليًا، لتساهم بدورها في سرد الرواية الفلسطينية سينمائيًا. وشكر شلح وزارة الثقافة وطاقم عمل المهرجان والهيئة التأسيسية من العرب والأجانب، والمخرجة التونسية كوثر بن هنية لفيلم الافتتاح "صوت هند رجب"، والمخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي المشرف على إنتاج أفلام في غزة، كما دعا السينمائيين من كل دول العالم للمساهمة في عمل أفلام عن غزة.
ألقت الأستاذة فاتن حرب كلمة المرأة، مشيرة إلى أن الاحتفاء بالمرأة الفلسطينية هو احتفاء بـ "روح الوطن"، والمرأة التي صارت "عنوانًا للأمل، ورمزًا للصمود". وأكدت أن المهرجان ويوم المرأة الوطني يمثلان مناسبتين تتوحدان في الرسالة للاحتفاء بالمرأة التي كانت دائمًا في قلب المشهد، تصنعه وتخلده بعدستها.
تكريم رائدات السينما الداعمة للقضية الفلسطينية
وفي لفتة تقديرية لدور السينما في خدمة القضية، قررت إدارة المهرجان تكريم ثلاث شخصيات نسائية رائدة خدمت أعمالهن القضية الفلسطينية وهن: المخرجة الفلسطينية خديجة حباشنة (خديجة أبو علي)، والمخرجة التونسية كوثر بن هنية، إضافة إلى المخرجة اللبنانية الراحلة جوسلين صعب. ويأتي هذا التكريم ليعبر عن الشكر لجميع السينمائيين العرب والأجانب الذين رفعوا صوتهم عالياً ولم يلتزموا الصمت حيال ما يجري في غزة.
برنامج المهرجان ومشاركاته الدولية
وتؤكد هذه الدورة التأسيسية للمهرجان على طابعها الدولي الواسع، حيث تستضيف 79 فيلمًا من 28 دولة مختلفة، تتنوع بين الأفلام الروائية والوثائقية الطويلة والقصيرة، مما يجعله نافذة غزة على أصوات المبدعين حول العالم وقضايا المرأة. وقد تميزت قائمة الأفلام المشاركة بوجود أعمال بارزة مثل فيلم الافتتاح "صوت هند رجب" للمخرجة التونسية كوثر بن هنية، بالإضافة إلى مشاركات هامة في فئة الأفلام الروائية الطويلة من دول مثل الأردن بفيلم "إن شاء الله ولد" ومصر بفيلم "رحلة 404"، وكذلك أعمال من فلسطين نفسها. ويتولى تحكيم الأفلام نخبة من السينمائيين العالميين والعرب، من بينهم المخرجة الفرنسية سيلين شياما والمخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر، مما يرفع من القيمة الفنية والمهنية للحدث.
وتعزيزًا لدور المرأة الفلسطينية والعربية في السرد الثقافي، تزامنت انطلاقة المهرجان مع إعلان وزارة الثقافة الفلسطينية عن الفائزة بـ جائزة القدس للمرأة العربية للإبداع الأدبي للرواية العربية. وقد خُصصت هذه الجائزة للمرأة العربية التي ترتبط أعمالها بـ "القدس والرواية" كشكل من أشكال المقاومة الثقافية، وجاء إطلاقها ليواكب اليوم الوطني للمرأة الفلسطينية. وشهدت الجائزة منافسة قوية بـ 198 مشاركة من الوطن العربي، لتفوز بها الروائية الليبية عائشة الأصفر، في خطوة أكدت الوزارة أنها الأولى من نوعها بتخصيص جائزة أدبية كبرى للمرأة العربية.
شهد الافتتاح عرض فيديوهات تضامن من أحد مؤسسي السينما الفلسطينية المخرج ميشيل خليفه ومؤسسين إيطاليين، تلتها فقرة فنية. ثم عُرض فيلم الافتتاح "صوت هند رجب" للمخرجة كوثر بن هنية، الذي لاقى تفاعلاً كبيرًا من الجمهور في مخيم النزوح.
وفي الختام، تم شكر نقابة الصحفيين الفلسطينيين لمساندتهم. وتتواصل فعاليات المهرجان في نقابة الصحفيين بدير البلح، على أن يكون الختام يوم الجمعة 31 أكتوبر لإعلان الأفلام الفائزة في الدورة الأولى للمهرجان.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق