تجمع واسع لمثقفين وفنانين وشخصيات عامة في المنوفية يؤكدون على دستورية الحق في الثقافة ويرفضون تبريرات الوزارة.. وتفاعل كبير يدعم موقفهم
شبين الكوم، المنوفية – 23 مايو 2025 – شهدت محافظة المنوفية مساء الجمعة، 23 مايو 2025، اجتماعاً موسعاً ضم نخبة من الكُتّاب والأدباء والفنانين والمثقفين، بالإضافة إلى أعضاء نوادي الأدب والمسرح، وممثلي الأحزاب والنقابات الفنية، والقيادات التنفيذية والتشريعية، والشخصيات العامة بالمحافظة. وقد توج الاجتماع بإصدار "بيان هام" يعلن رفضهم القاطع لما أعلنته وزارة الثقافة المصرية، ممثلة في وزير الثقافة الدكتور أحمد هنّو ومساعده رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، بشأن إغلاق عددٍ من نوادي الأدب والمكتبات التابعة لقصور الثقافة على مستوى الجمهورية عامةً، وبمحافظة المنوفية على وجه الخصوص.
رفض قاطع لـ "نكوص وتجريف" للثقافة:
أكد الموقعون في بيانهم أن ما طرحته الوزارة من أفكار وخطط مزعومة تستند إلى إغلاق هذه المواقع لا يعدو كونه "نكوصاً صريحاً عن مهام وزارة الثقافة وتجريفاً واضحاً لمقارها في القطر المصري كله". وشدد البيان على أن هذه الإجراءات تمثل "مخالفةً صريحةً لمواد الدستور المصري"، مستشهدين بالمادة رقم 48 التي تنص على أن "الثقافة حق لكل مواطن، تكفله الدولة وتلتزم بدعمه وبإتاحة المواد الثقافية بجميع أنواعها لمختلف فئات الشعب، دون تمييز بسبب القدرة المالية أو الموقع الجغرافي أو غير ذلك".
مغالطات وتضاربات في مبررات الإغلاق:
ورفض البيان بشكل قاطع جميع التصريحات الرسمية للوزارة ومسؤوليها حول أسباب هذا الإغلاق، سواء كانت "مالية أو لأسباب متعلقة بالتشغيل والكوادر". وأشار إلى ما يحيط بهذه الأسباب من "مغالطات واضحة وتضاربات"، مؤكداً أن هذه التصريحات "تنمّ عن خللٍ في وعي الوزارة بطبيعة العمل الثقافي وأهميته وأهدافه وقصره على تحقيق ربحية تحت مسمى الاستثمار أو التطوير". كما أوضح البيان أن القانون رقم 10 لسنة 2022، الذي تستند عليه تصريحات الوزارة، "لا ينطبق إلا على 10% فقط من المواقع والبيوت التي تحركت الوزارة لإغلاقها تعسّفياً".
وأعرب البيان عن رفضه لاستمرار الوزارة في هذه الخطوات بتوجيهات غير معلنة للرأي العام، مع الزعم بعدم الاستمرار في الخطة وتأجيل تنفيذها، وهو ما وصفه البيان بأنه "على غير الحقيقة". وأكد الموقعون على أن "الشفافيةَ حتميةٌ واجبة فيما يتعلق بالقضايا المصيرية"، مشددين على أن بيوت الثقافة ومكتباتها بالمحافظات هي "مكتسبٌ أصيل للشعب المصري منذ إعلان الجمهورية عام 1952"، وأنها تمثل "السد المنيع في وجه محاولات اختراق المجتمع بخطابات الجهل والتطرف والتكفير والرجعية"، ولا يمكن لأحدٍ أن يفرّط "ولو في حجرٍ واحدٍ من هذا السد مهما بدا في عين من لا يدرك حقيقته وأهميته واهناً أو غير ذي قيمة".
مطالب واضحة وإنذار بسحب الثقة من الوزير:
وطالب الموقعون والمجتمعون بثلاث نقاط رئيسية:
- تراجع الوزارة بشكل معلن وحتمي وواضح عن إغلاق أية مكتبة أو بيت ثقافة بمحافظة المنوفية خصوصاً وبمختلف المحافظات عموماً.
- وضع خطة معلنة لتشغيل بيوت الثقافة والمكتبات بما يضمن تحقيق أهداف الدولة المصرية ومخرجات وتوصيات "الحوار الوطني - في محور الثقافة" وبما يليق مع طموحات الشعب المصري في ظل الجمهورية الجديدة.
- إعادة بناء مكتبة "زكي مبارك" بـ "سنتريس"، والتوسع في أنشطة بيوت الثقافة والمكتبات القائمة وتجديدها كلها، وسرعة الانتهاء من تشغيل أكشاك الكتب بالمحافظة، والتي هي جزء أصيل من مبادرة "حياة كريمة".
وهدد البيان، في حال عدم استجابة الوزارة لمطالبهم التي وصفوها بـ "حقوق مشروعة لكل مصري ومصرية"، بوضع الأمر "بين يدي البرلمان المصري الذي هو صوت الشعب وممثّله لسحب الثقة من وزير الثقافة، واتخاذ كافة الإجراءات والصلاحيات التي منحها الدستور للبرلمان؛ لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح".
تفاعل واسع يدعم البيان:
وقد لاقى البيان فور نشره على صفحة الدكتور شوكت المصري، أستاذ النقد الأدبي بأكاديمية الفنون، تفاعلاً واسعاً من قبل المثقفين والفنانين والأكاديميين والمهتمين بالشأن الثقافي. حيث سارع العديد من الشخصيات البارزة في مجالات الأدب والفن والإعلام والبحث العلمي إلى التعبير عن تضامنهم وتأييدهم للبيان ومطالبه.
من بين المؤيدين، الناقد والكاتب المسرحي ناصر العزبي، والقاصة والأديبة منى ناصف التي أكدت أنها كانت من مرتادي بيت ثقافة منوف ومتضامنة. كما جاء دعم من أكاديميين وشعراء منهم الدكتور بسيم عبد العظيم عبدالقادر (شاعر وناقد أكاديمي ورئيس لجنة العلاقات العربية بالنقابة العامة لاتحاد كتاب مصر)، والدكتور أحمد الجعفري (شاعر وكاتب وباحث في العلوم السياسية)، والدكتور محمد زعيمه (أستاذ أكاديمي ومسرحي ممارس)، والأستاذ الدكتور أيمن تعيلب (أكاديمي)، والأستاذ الدكتور منير فوزي (أكاديمي وشاعر)، والدكتور تاج الدين عفيفي (فنان تشكيلي وناقد متخصص)، ومحمود سالم الشيخ (أكاديمي).
وقد عبر المشاركون عن موقفهم بعبارات مثل "كلنا متضامنون الثقافة كالماء والهواء" من الدكتور محمود السيد (مدرس إعلام ومخرج)، و"دعم كامل وشامل لكل ما جاء في بيانكم الحكيم" من محمود سالم الشيخ. وتنوعت التخصصات بين صحفيين مثل حسام مصطفى إبراهيم، وأسماء حلمي، ومحمد نبيل (صحفي متخصص في الشأن الثقافي)، والسيد الحراني (صحفي بمؤسسة أخبار اليوم وعضو نقابة الصحفيين واتحاد كتاب مصر). وشارك أيضاً كتاب وقصاصون منهم محمود محمد سعد (سكرتير نادي الأدب بقصر ثقافة شبين الكوم)، حسن عبد الهادي (روائي)، رانيا ثروت (كاتبة وناقدة وباحثة)، محمود عبد الشكور (كاتب وناقد)، وإكرام يوسف (كاتبة صحفية ومترجمة).
ولم يقتصر الدعم على أهل الأدب والفن، بل امتد ليشمل محامين مثل علي أيوب، وصلاح شاهين، بالإضافة إلى أطباء مثل الدكتور أحمد قنديل (استشاري أمراض النساء)، وسمر علي (طبيبة أسنان وكاتبة)، ومواطنة مصرية مثل آيات عبد الدايم، مما يعكس شمولية الرفض للموقف الوزاري واتساع نطاق الدضامن مع مطالب البيان.
وقد أعلن الموقعون أن البيان قد تم توقيعه وإرساله إلى البرلمان المصري، داعين كل المثقفين والمبدعين المصريين في كل ربوع مصر إلى دعم هذا الموقف من خلال التوقيع على البيان.