قبل حوالي عقد من الزمن و بالتحديد في فبراير 1999م. وقعت دول حوض النيل التسع بالإضافة إلى إريتريا ( كمراقب ) مبادرة حوض النيل . و هي اتفاقية دولية هدفها أساساً الوصول إلى تنمية مستدامة من خلال الاستغلال المتساوي للإمكانيات المشتركة التي يوفرها حوض نهر النيل .وجود هذه الاتفاقية لم يمنع بحال حدوث أزمة بين دول المنابع و دولتي المصب متمثلتين في مصر بإضافة السودان إليها و اللتان تستحوذان على النصيب الأعظم من ماء النهر .
ما الذي حدث خلال السنوات العشر الأخيرة ؟ و لماذا تذكرت دول المنابع فجأة أنها لا تستفيد – بقدر كاف – من ماء النهر ؟!
قبل ذلك ، لماذا أساساً توجد مشكلة مياه بين الدول أعضاء الاتفاقية إذا أخذنا في الاعتبار أن حصة مصر من المياه - تبعا للاتفاقيات القديمة التي ترفضها دول المنابع – لا تزيد عن 55,5 مليار متر مكعب و حصة السودان 18,5 مليار متر مكعب بينما إجمالي حجم مياه الأمطار التي تهبط داخل حوض النيل تبلغ حوالي 1660 مليار متر مكعب من الماء لا يستغل منها سوى 4% و يفقد الباقي نتيجة التبخر أو في المستنقعات و الأحراش .
واضح طبعاً أن ما يزعج دول المنابع بالأساس رفضها لثلاثة بنود أساسية في مبادرة حوض النيل تعتبرها مصر و السودان مسلمات ، هى :
1- الاعتراف بالحق التاريخي لدولة المصب بالإضافة إلى السودان في ماء النيل و الذي يحدد الحاجات المائية للدولتين بالحجم المذكور سابقاً . هذا الحق تعارضه دول المنابع لأنه حُدد تبعاً لاتفاقيات عقدت بين الدول المستعمرة في زمن الاحتلال . في ظل غياب تام لإرادة الشعوب . بينما ترى مصر – على الأقل – أن حجم الماء المخصص لها لا يفي باحتياجاتها في ظل زيادة عدد السكان و النمو في النشاط الاقتصادي ؛ و بالتالي إن لم يزد يجب ألا يقل .
2- ضرورة الإخطار المسبق لدولتي المصب بشأن أي مشروعات تنشأ على النهر أو فروعه و يمكن أن تؤثر على تدفق الماء بالشكل الطبيعي ، و هو ما أصبحت دول المنابع تعتبره تدخلاً في شئونها الداخلية خاصة بعد ظهور مستثمرين و ممولين للمشروعات التنموية في هذه الدول يعرضون المال لقاء الماء و منهم على سبيل المثال إسرائيل و الصين و السعودية هذه الدول بحاجة للتعاون مع دول غنية بمواردها المائية و تربتها الخصبة ، كما لا يغيب عنا أن إسرائيل تسعى منذ أمد بعيد لتأمين احتاجاتها من الماء من نهر النيل و هو ما رفضته مصر مسبقاً حفاظاً على اتفاقيات تقسيم ماء النهر لكن مصر أيضاً لم تقدم مشاريع واضحة للتعاون المستمر مع دول المنابع يكفي هذه الدول و يؤمن استقرارها و يؤكد ارتباط المصالح التي تؤكدها مبادرة حوض النيل دون القيام بخطوات جادة خلال عقد كامل تلى توقيع المبادرة وانشغلت فيه مصر بقضايا أخرى أغلبها محلية ، ثم انتهى الأمر بدول المنابع تطرح فكرة مفادها : إن على مصر و السودان أن تدفعا مقابلا مالياً لقاء ما تحصلان عليه من ماء .
3- الالتزام بقاعدة الإجماع عند التصويت لتغيير أي من البنود الأساسية للاتفاقية ، و االموافقة بالأغلبية عند تغيير أي من البنود الأقل أهمية ، و في الحالتين كلتيهما لا بد من موافقة مصر و السودان ؛ مما يعني التحكم التام لهاتين الدولتين في مصير المبادرة و تبعية جميع دول الحوض لآرائهما و تصوراتهما و ربما مصالحهما أيضاً .
هذا البند الأخير فيما يبدو كان السبب وراء الخروج على مصر و السودان . الخروج الذي بدا كما لو كان انقلاباً قامت به دول المنابع السبع على سلطة دولتي المصب و هو ما يؤذن بتوتر لا يبدو أنه سيكون عسكرياً في المنطقة . بل ربما كانت السبب فيه قناعة لدى دول المنابع السبع أن انشغال مصر و السودان بشئونهما الداخلية سيحول دون القيام بأي خطوات حقيقية تمنع تهميش دورهما و الحط من مكانتهما بين دول الحوض .
ببساطة ما سبق معناه أن المشكلة بالأساس ليست في ماء النهر الذي و إن كان المصدر الأساسي لاستمرار الحياة في مصر . أيضاً المورد الأكبر للماء المستغل في الأنشطة الاقتصادية و الشرب في السودان ، لكنه مع ذلك لا يعد إلا جزءاً بسيطا من الماء المهدر في دول المنابع و بذلك تكون القضية في العلاقات الاقتصادية و السياسية بين مختلف دول حوض النيل . تلك العلاقات التي تضمن استمرار تبادل المنفعة دون فرض ضغوط من بلد على الأخرى و دون الاتكاء على مسألة الحقوق التاريخية .
أخشى أن تكون بوادر الحرب على الماء و قرع طبول الحرب العالمية الثالثة
ردحذففالماء هو الحياة و ليس له بديل ،بعد أن حاربت أمريكا دولا و خلغت حكومات و رؤساء من أجل الماء هاهي الآن تخطط لضمان حصة إبنها بالتبني إسرائيل.
تبدأ الأزمة من النيل لتنتهي بالفرات و يتتحقق الحلم الصهيوني من النيل إلى الفرات
ما أخشاه حقاً أن ليس هناك من يحارب ، و هذا ما حدا ببعض المستفيدين أن يؤلبوا دول المنبع على مصر و السودان المشغولتان بهمومهما الداخلية
ردحذف