بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، يونيو 13، 2014

أَمْنُ التليفزيُون



    فوجِئْتَ - أو لم تفاجأ - قرر أمنُ التليفزيون تفتيش أكياس الطعام ، قراطيس الطعمية و علب الكشري ماركة " أبو محمد " ، و ربما أيضا أرباع الكفتة و الطرب المستقدمة من " علي هوهو " الشهير بعلي عيد

  كل الطعام الذي يدخل التليفزيون سيتم تفتيشه ، لكن لماذا ؟
يا للعجب ؛ السبب هو حماية تراث التليفزيون ، نعم، تراث التليفزيون الذي تم تسريبه على مدار عقود مضت إلى القنوات و الوكالات و شركات الإنتاج، سيحميه قطاع أمن التليفزيون عن طريق التضييق على أقراص الطعمية و أصابع الكفتة المسربة إلى داخل التليفزيون
 
    إلى هنا ، لم ينتهِ الخبر
فقطاع الأمن يعلن أيضاً أن الفلاشات و الهاردات ، أي جميع وسائل تخزين و نقل المعلومات و الفيديو ممنوعة ، و طبعاً كما هو العرف في المؤسسات الحكومية العريقة في البيروقراطية ، ليس المنع مطلقاً فيمكن لمن يرغب من العاملين ، حرصاً على سير العمل ، تمرير فلاشةٍ بعد الحصول على تصديقٍ على طلب منه للإدارة التي ينتمي إليها و التي سترسل طلبه بعد إعتماده إلى قطاع الأمن ليصدِّق عليه و يسمح له باصطحاب ما يرغب من وسائط التخزين ، اﻷمر بهذه البساطة إذا؟
 
  لكن عفوا ، من يملك الخبرة في جهاز حكومي يدرك طبعاً أن انتقال الملفات عبر اﻹدارات ليس بهذه البساطة ؛ فالإدارة اﻷولى ستنقل الطلب بين مدير مباشر إلى مدير أو مديرين أعلى ، الذين سيوجهونه بدورهم إلى إدارة عامة ، تدفعه إلى إدارة مركزية تأخذه إلى رئيس قطاع يصدق و يعيد توجيهه إلى رئيس قطاع اﻷمن الذي سيوافق و يرسله ، إلى اﻹدارة المركزية المختصة ، فرضا اﻹدارة المركزية ﻷمن الفلاشات و الهاردات ، و المصيبة أن يكون لكل منهما إدارة مركزية منفصلة فيرسل نسخة من الطلب إلى كل منهما تقوم هي اﻷخرى بالموافقة و تعميم صورة من الطلب - يعني نشره - إلى كل إدارة تابعة ، لتخبرهم أن فلاناً الموظف في هذا الجهاز العظيم العريق ، مسموح له بتمرير فلاشة تحمل بعض اللقطات أو الصور المهمة التي يجب إذاعتها على وجه السرعة ، و كل ذلك لضمان سير العمل على أكمل وجه
  طبعاً معروف أنه بنهاية هذه الدورة ، سيكون مقدِّمُ الطلب إما استغنى عن المادة الموجودة على الفلاشة أو باع الفلاشة نفسها ، أو انتهى به الحال لتوقيع عقد عمل مع قناة خاصة أو وكالة عربية أو أجنبية ، أو هاجر إلى أي دولة للعمل بها و استغنى عن التليفزيون نفسه و البلد برُمَّتِها
  نهاية ، لا بد للعاملين بأمن التليفزيون من معرفة طبيعة الجهاز الذي يؤمِّنونه ، و إدراك أن الحرية في تداول المعلومات و نقلها بكل الوسائل الممكنة ، هي أساس العمل فيه بدونها لا تعود للتليفزيون أي فائدة ترجى
  يجب على المسئولين أيضاً ، إدراك أن الحفاظ على تراث التليفزيون ليس مهمتهم و لا يستطيعون أصلاً القيام به ، إنما هي مهمة الجهاز القانوني الضخم - الموجود فعلاً - مع اﻷقسام المختصة بمتابعة القنوات التليفزيونية ، و دورهم الحقيقي في ملاحقة القنوات و الشركات التي تستغل المواد و البث التلفزيوني المملوك للتليفزيون المصري دون الحصول على إذن باستخدامه
اﻷمر كذلك إذا ، أما أسلوب تضييق الخُنَّاق و الإمساك بتلابيب كل من يفكر من العاملين في القيام بعمله كما يجب و بما يُحتِّمه عليه ضميرُه ، عمله كما يمارسه في القطاع الخاص و القنوات اﻷجنبية ، أبشركم أن هذا الأسلوب لن يؤدي إلا إلى المزيد من التردي و رحيل الكفاءات و هجرتها إلى حيث تجد الفهم و المهنية و الحرية



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إعلانات مدمجة

مشاركة مميزة

في ختام عروض مهرجان جامعة عفت الدولي للأفلام الطلابية.. الإعلان عن شراكة بين البحر الأحمر والجامعة لدعم 22 مشروعًا سينمائيًا لطالبات الجامعة

  جدة، المملكة العربية السعودية، 25 أبريل 2024:   تفخر مؤسسة البحر الأحمر السينمائي بالتعاون مع جامعة عفت، بالإعلان عن شراكتهما الرائدة للعا...

سيعجبك أيضاً إن شاء الله