حس سخرية لاذع يقود قصة مأساوية لتصبح عملا ممتعًا، فيلمًا قصيرًا لا يزيد عن عشرة دقائق مكثفة للغاية، لا مكان فيها لتفصيلة مجانية، ولا تنقصها أي واردة لإقناع المشاهد وحبك الأحداث.
على خلفية من موسيقى حزينة ملؤها الشجن والعواطف الملتبسة يفتتح الفيلم علاقته بالجمهور من خلال لافتة مضيئة تشير إلى موتيل، بينما تتحرك الكاميرا إلى أسفل يملأ الكادرَ رأسُ شخص ما، نرى بدءًا ظهره حيث ينظر في اتجاه اللافتة. يملأ عنوان الفيلم الشاشة (Lughead) أو الأبله، ربما كان ظهور العنوان فوق صورة الرجل موحيًا أنه هو المقصود، قد يكون ذلك صحيحًا بعض الشيء، لكن تريث؛ الفيلم يحمل لك مفاجآت عديدة.
يلتفت البطل إلينا فنتعرف إليه أكثر، رجل في أواسط العمر، مرتبك، يزيد من إحساسنا بتوتره صوت سيارة نجدة تلقي ضوءها الأحمر على وجهه، سرعان ما ندرك السبب (سبب التوتر) إذ تظهر أمامه فجأة فتاة حسناء في مقتبل العمر، عشرينية فيما يبدو، واثقة من نفسها تمامًا عكس الرجل الذي تناديه باسمه، فهي تعرف الاسم وإن كانت تقابل صاحبه للمرة الأولى. يسألها إن كان عليهما الذهاب لمكان ما فتجيبه بثبات: "لماذا لا نذهب إلى مكاني؟". تقول ذلك ليس من باب السؤال أو المناشدة، إن الأمر بالنسبة لها محسوم، تلقي جملتها ولا تنتظر إجابته؛ تنطلق مباشرة صوب وجهتها فلا يجد بدًا من أن يتبعها صاغرًا.
أثناء سيرهما نكتشف الموتيل، ونلاحظ أن الجزء الذي يحوي غرفة الفتاة تحديدًا مضاء بمصباح أحمر اللون، تدعو الفتاة ذلك الغريب إلى غرفتها، وما تلبث إذ دخلت أن خلعت معطفها الذي أضفى عليها مظهرًا جادًا، وحذاءها ذا الكعب العالي (جدًا) والذي أضفى عليها هيبة أنثوية من نوع خاص؛ فهذا النوع من الأحذية يسمح للمرأة أن تنظر إلى العالم من زاوية المسيطرة، وتفرض على من ينظر إليها أن يلزم حدوده، هنا تتحول رؤيتنا لها فنكتشف الأنثى لكن بطريقة أخرى، فستانها المختصر للغاية والذي يسهب في وصف مفاتن جسدها يشي بما قد يفسر وجودها في هذه اللحظة من الدراما، كأس الشامبانيا الذي تقدمه لرفيقها ودعوتها المتدللة إياه أن يجلس قبالتها على سريرها، الظرف الذي يمنحها إياه وفيه كما يبدو مبلغ سخي من المال، كل ذلك يؤكد لنا أن الفتاة بنت ليل وهذا عملها ولو كانت المرة الأولى لها كما تذكر في حوارها معه، لكن الحوار ينقلنا فجأة إلى فهم مغاير تمامًا لنكتشف أن المرأة قاتلة محترفة وأن الرجل يؤجرها لتقتل زوجته التي لا يستطيع التخلص منها لأنهما كاثوليك، والغريب أنه -في نظر نفسه- متدين لن يطلقها أو يخونها، ولن يغير إيمانه، لكنه -فقط- سيقتلها، سيقتل زوجته التي تعذبه بلسانها السليط وتناديه دائمًا بالأبله (Lughead).
هل يكفي ذلك التحول لإسدال ستار النهاية؟
بدلا من الليلة الحمراء التي أوحت بها البدايات، نجد أنفسنا في وكر الاتفاق على قتل امرأة بريئة غافلة من قبل زوج أحمق!!
الحقيقة لم يكتف صانع الفيلم المخرج والمؤلف كوري شورج بذلك، في البدايات لم نكن عارفين بخبايا القصة بينما شخصيتي الفيلم تدركان كل شيء، الرجل يعرف أن المرأة قاتلة مأجورة وليست فتاة ليل كما تصورنا، والفتاة مدركة أنه يريد التخلص من زوجته، لكن بُعدًا آخر يضيفه صانع الفيلم، يمتد بالقصة إلى تحول إضافي، وبما أن التحول مرتبط بالمعرفة كما تقتضي قواعد الدراما الكلاسيكية، والمعرفة لا تكون إلا لشيء خفي، سر جديد نكتشف مع البطل وجوده، والسر أن زوجته (الضحية ا البريئة المحتملة) لم تكن بريئة تمامًا، بل إنها تواصلت مع نفس المرأة الفاتكة التي تجلس أمامه بوجه فاتن وعينين تلمعان ببريق المتعة وهي تكشف له الحقيقة، لقد تلقت عرضًا سخيًا من السيدة (حرمه المصون) للتخلص منه، والكأس الذي تجرعه قبل لحظة فيه سم قاتل، سريع الفتك لن يلبث أن يقضي عليه في ثوانٍ، وللمفارقة تلاحظ الفتاة وهي ترتدي حذاءها ذا الكعب العالي وتهم بالخروج أن كليهما (الزوج والزوجة) للغرابة متطابقان تمامًا في شخصيتيهما، ربما مثل القطبين المتماثلين من المغناطيس تنافرا حتى لم يطق أحد منهما بقاء الآخر على قيد الحياة.
اعتمدت حبكة الفيلم على تقنية المفارقة، والمفارقة تقنية سردية قديمة ومتداولة، ولها مستويات عدة: المفارقة اللفظية Paradox والمفارقة الساخرة أو التغابي Irony -إذا جازت الترجمة، فمن خلال مظاهر تقودنا إلى تكوين تصورات محددة نقع في اللبس وأيضًا من خلال تغابي البطلة أو ادعاء الوقوع تحت نفس التصورات التي نتبناها تؤكد لنا وجهة نظرنا التي ما نلبث أن نكتشف أنها خاطئة مما ينشأ عنه نوع من صدمة المفاجأة والكوميديا المريرة، كوميديا تتحقق من خلال الموقف الملتبس دون أن يكون في الحدث القاسي على الأبطال (عملية اغتيال البطل) ما يدعو أو يوحي بالضحك.
لتحقيق هذا اللبس اعتمد صناع العمل على مجموعة مما قد نسميه (التاريخ الدلالي لتفاصيل المشهد) سواء من خلال الشكل أو من خلال الحوار، تقنية تتيح تكثيف تدفق المعلومات في زمن محدود بما يلائم فيلمًا قصيرًا لا يتعدى الدقائق العشرة، بمعنى أن كل تفصيلة داخل المشهد تمر أمام عين المشاهد أو تذكر من خلال الحوار ليست فقط مجرد كلمة في سياق ما، لكن لها تاريخًا من الدلالات التي تعنيها بالنسبة للمشاهد، مثلا الموتيل كمكان طبيعي لالتقاء العشاق، حتى في الدول الغربية التي لا يجد الكثيرون فيها ضيرًا في العلاقات المفتوحة خارج مؤسسة الزواج، يبقى عندهم ذلك مقتصرًا -في أغلب الأحوال- على لقاءات تتم داخل غرف الموتيلات المؤجرة باليوم أو الأسبوع أو حتى الشهر، اللون الأحمر الحاضر في معظم لقطات الفيلم من خلال الإضاءة، أيضًا له دلالات معروفة مرتبطة بنفس الموضوع، الفستان القصير للغاية الذي تظهر به البطلة بعد النقطة الفارقة الأولى في النص، بدخولهما الغرفة ونزع كل منهما معطفه الشتوي، بينما تبدو هي في لباس كاشف، يظل هو مرتديا عدة طبقات من الملابس الصوفية، ثم تبادل كؤوس الخمر، وظرف النقود، كل شيء يحمل معاني قديمة يستدعيها المشاهد دون أن يضطر المخرج لذكرها، حتى توظيف الممثل الكوميدي Aaron Merke وهو كوميديان كندي للجمهور سابق معرفة به يوحي بالسخرية المتضمنة في المفارقة الحادثة، إنه أمر يذكرنا بمشاركة الفنان محمد هنيدي بدور غاية في المأساوية في فيلم البطل للمخرج مجدي أحمد علي بعد نجاح ساحق حققه في فيلم آخر جعل الجمهور يصنفه كنجم كوميدي، لذلك انقلبت مشاهده المؤثرة في الفيلم كبطل مقاومة شعبي يستشهد في صراع مع قوات الاحتلال من مأساة إلى إثارة موجات الضحك، لأن الجمهور الذي تعاقد على تصنيفه ككوميديان وظف وجوده في الفيلم على أنه دلالة على السخرية من الأحداث. هذا ما يمكننا اعتباره تاريخًا دلاليا للممثل نفسه، عند ظهوره يستدعي الجمهور أدواره السابقة، والتاريخ الدلالي للممثل لا يقتصر فقط على معرفة الجمهور السابقة به كشخص، بل كنموذج أيضًا، فمثلا البطل هنا بزيه وهيئته الممتلئة وتعبيرات وجهه تستدعي الكثير من الشخصيات المماثلة التي عرضتها السينما دائما كشخصية رجل كسول، خامل، يمكن خداعه بسهولة، وكذلك البطلة كنموذج للمرأة آسرة الحسن، شديدة المراوغة، هيئتها توحي بما هي عليه وتوسع دائرة تاريخ الشخصية لتشمل أشياء لا يذكرها السيناريو، ولا يعرضها الفيلم، لكن المشاهد يدركها ويتصرف على أساسها أثناء المشاهدة.
على خلفية من موسيقى حزينة ملؤها الشجن والعواطف الملتبسة يفتتح الفيلم علاقته بالجمهور من خلال لافتة مضيئة تشير إلى موتيل، بينما تتحرك الكاميرا إلى أسفل يملأ الكادرَ رأسُ شخص ما، نرى بدءًا ظهره حيث ينظر في اتجاه اللافتة. يملأ عنوان الفيلم الشاشة (Lughead) أو الأبله، ربما كان ظهور العنوان فوق صورة الرجل موحيًا أنه هو المقصود، قد يكون ذلك صحيحًا بعض الشيء، لكن تريث؛ الفيلم يحمل لك مفاجآت عديدة.
يلتفت البطل إلينا فنتعرف إليه أكثر، رجل في أواسط العمر، مرتبك، يزيد من إحساسنا بتوتره صوت سيارة نجدة تلقي ضوءها الأحمر على وجهه، سرعان ما ندرك السبب (سبب التوتر) إذ تظهر أمامه فجأة فتاة حسناء في مقتبل العمر، عشرينية فيما يبدو، واثقة من نفسها تمامًا عكس الرجل الذي تناديه باسمه، فهي تعرف الاسم وإن كانت تقابل صاحبه للمرة الأولى. يسألها إن كان عليهما الذهاب لمكان ما فتجيبه بثبات: "لماذا لا نذهب إلى مكاني؟". تقول ذلك ليس من باب السؤال أو المناشدة، إن الأمر بالنسبة لها محسوم، تلقي جملتها ولا تنتظر إجابته؛ تنطلق مباشرة صوب وجهتها فلا يجد بدًا من أن يتبعها صاغرًا.
أثناء سيرهما نكتشف الموتيل، ونلاحظ أن الجزء الذي يحوي غرفة الفتاة تحديدًا مضاء بمصباح أحمر اللون، تدعو الفتاة ذلك الغريب إلى غرفتها، وما تلبث إذ دخلت أن خلعت معطفها الذي أضفى عليها مظهرًا جادًا، وحذاءها ذا الكعب العالي (جدًا) والذي أضفى عليها هيبة أنثوية من نوع خاص؛ فهذا النوع من الأحذية يسمح للمرأة أن تنظر إلى العالم من زاوية المسيطرة، وتفرض على من ينظر إليها أن يلزم حدوده، هنا تتحول رؤيتنا لها فنكتشف الأنثى لكن بطريقة أخرى، فستانها المختصر للغاية والذي يسهب في وصف مفاتن جسدها يشي بما قد يفسر وجودها في هذه اللحظة من الدراما، كأس الشامبانيا الذي تقدمه لرفيقها ودعوتها المتدللة إياه أن يجلس قبالتها على سريرها، الظرف الذي يمنحها إياه وفيه كما يبدو مبلغ سخي من المال، كل ذلك يؤكد لنا أن الفتاة بنت ليل وهذا عملها ولو كانت المرة الأولى لها كما تذكر في حوارها معه، لكن الحوار ينقلنا فجأة إلى فهم مغاير تمامًا لنكتشف أن المرأة قاتلة محترفة وأن الرجل يؤجرها لتقتل زوجته التي لا يستطيع التخلص منها لأنهما كاثوليك، والغريب أنه -في نظر نفسه- متدين لن يطلقها أو يخونها، ولن يغير إيمانه، لكنه -فقط- سيقتلها، سيقتل زوجته التي تعذبه بلسانها السليط وتناديه دائمًا بالأبله (Lughead).
هل يكفي ذلك التحول لإسدال ستار النهاية؟
بدلا من الليلة الحمراء التي أوحت بها البدايات، نجد أنفسنا في وكر الاتفاق على قتل امرأة بريئة غافلة من قبل زوج أحمق!!
الحقيقة لم يكتف صانع الفيلم المخرج والمؤلف كوري شورج بذلك، في البدايات لم نكن عارفين بخبايا القصة بينما شخصيتي الفيلم تدركان كل شيء، الرجل يعرف أن المرأة قاتلة مأجورة وليست فتاة ليل كما تصورنا، والفتاة مدركة أنه يريد التخلص من زوجته، لكن بُعدًا آخر يضيفه صانع الفيلم، يمتد بالقصة إلى تحول إضافي، وبما أن التحول مرتبط بالمعرفة كما تقتضي قواعد الدراما الكلاسيكية، والمعرفة لا تكون إلا لشيء خفي، سر جديد نكتشف مع البطل وجوده، والسر أن زوجته (الضحية ا البريئة المحتملة) لم تكن بريئة تمامًا، بل إنها تواصلت مع نفس المرأة الفاتكة التي تجلس أمامه بوجه فاتن وعينين تلمعان ببريق المتعة وهي تكشف له الحقيقة، لقد تلقت عرضًا سخيًا من السيدة (حرمه المصون) للتخلص منه، والكأس الذي تجرعه قبل لحظة فيه سم قاتل، سريع الفتك لن يلبث أن يقضي عليه في ثوانٍ، وللمفارقة تلاحظ الفتاة وهي ترتدي حذاءها ذا الكعب العالي وتهم بالخروج أن كليهما (الزوج والزوجة) للغرابة متطابقان تمامًا في شخصيتيهما، ربما مثل القطبين المتماثلين من المغناطيس تنافرا حتى لم يطق أحد منهما بقاء الآخر على قيد الحياة.
اعتمدت حبكة الفيلم على تقنية المفارقة، والمفارقة تقنية سردية قديمة ومتداولة، ولها مستويات عدة: المفارقة اللفظية Paradox والمفارقة الساخرة أو التغابي Irony -إذا جازت الترجمة، فمن خلال مظاهر تقودنا إلى تكوين تصورات محددة نقع في اللبس وأيضًا من خلال تغابي البطلة أو ادعاء الوقوع تحت نفس التصورات التي نتبناها تؤكد لنا وجهة نظرنا التي ما نلبث أن نكتشف أنها خاطئة مما ينشأ عنه نوع من صدمة المفاجأة والكوميديا المريرة، كوميديا تتحقق من خلال الموقف الملتبس دون أن يكون في الحدث القاسي على الأبطال (عملية اغتيال البطل) ما يدعو أو يوحي بالضحك.
لتحقيق هذا اللبس اعتمد صناع العمل على مجموعة مما قد نسميه (التاريخ الدلالي لتفاصيل المشهد) سواء من خلال الشكل أو من خلال الحوار، تقنية تتيح تكثيف تدفق المعلومات في زمن محدود بما يلائم فيلمًا قصيرًا لا يتعدى الدقائق العشرة، بمعنى أن كل تفصيلة داخل المشهد تمر أمام عين المشاهد أو تذكر من خلال الحوار ليست فقط مجرد كلمة في سياق ما، لكن لها تاريخًا من الدلالات التي تعنيها بالنسبة للمشاهد، مثلا الموتيل كمكان طبيعي لالتقاء العشاق، حتى في الدول الغربية التي لا يجد الكثيرون فيها ضيرًا في العلاقات المفتوحة خارج مؤسسة الزواج، يبقى عندهم ذلك مقتصرًا -في أغلب الأحوال- على لقاءات تتم داخل غرف الموتيلات المؤجرة باليوم أو الأسبوع أو حتى الشهر، اللون الأحمر الحاضر في معظم لقطات الفيلم من خلال الإضاءة، أيضًا له دلالات معروفة مرتبطة بنفس الموضوع، الفستان القصير للغاية الذي تظهر به البطلة بعد النقطة الفارقة الأولى في النص، بدخولهما الغرفة ونزع كل منهما معطفه الشتوي، بينما تبدو هي في لباس كاشف، يظل هو مرتديا عدة طبقات من الملابس الصوفية، ثم تبادل كؤوس الخمر، وظرف النقود، كل شيء يحمل معاني قديمة يستدعيها المشاهد دون أن يضطر المخرج لذكرها، حتى توظيف الممثل الكوميدي Aaron Merke وهو كوميديان كندي للجمهور سابق معرفة به يوحي بالسخرية المتضمنة في المفارقة الحادثة، إنه أمر يذكرنا بمشاركة الفنان محمد هنيدي بدور غاية في المأساوية في فيلم البطل للمخرج مجدي أحمد علي بعد نجاح ساحق حققه في فيلم آخر جعل الجمهور يصنفه كنجم كوميدي، لذلك انقلبت مشاهده المؤثرة في الفيلم كبطل مقاومة شعبي يستشهد في صراع مع قوات الاحتلال من مأساة إلى إثارة موجات الضحك، لأن الجمهور الذي تعاقد على تصنيفه ككوميديان وظف وجوده في الفيلم على أنه دلالة على السخرية من الأحداث. هذا ما يمكننا اعتباره تاريخًا دلاليا للممثل نفسه، عند ظهوره يستدعي الجمهور أدواره السابقة، والتاريخ الدلالي للممثل لا يقتصر فقط على معرفة الجمهور السابقة به كشخص، بل كنموذج أيضًا، فمثلا البطل هنا بزيه وهيئته الممتلئة وتعبيرات وجهه تستدعي الكثير من الشخصيات المماثلة التي عرضتها السينما دائما كشخصية رجل كسول، خامل، يمكن خداعه بسهولة، وكذلك البطلة كنموذج للمرأة آسرة الحسن، شديدة المراوغة، هيئتها توحي بما هي عليه وتوسع دائرة تاريخ الشخصية لتشمل أشياء لا يذكرها السيناريو، ولا يعرضها الفيلم، لكن المشاهد يدركها ويتصرف على أساسها أثناء المشاهدة.
نظرًا لمحدودية المكان اعتمد صانع الفيلم على الحوار الثنائي الذي تتطور الأحداث من خلاله، نقاش يدور بين البطلين، وتنتقل أو تتحول خلاله مراكز القوى من البطل إلى البطلة، في البداية عندما نتصور أن الفتاة بائعة هوى، نرى معظم اللقطات من زاوية خلف الرجل الذي يبدو مالئا الإطار، ومن خلال تكوين مثلث يرسمه اتجاه نظرته إليها نجده دائمًا أعلى منها، وفي منتصف الحوار تنتقل الكاميرا إلى الجانب فنرى البطلين داخل تكوين مثلث أيضًا لكنهما يحتلان قاعدته في مستوى ارتفاع واحد مما يوحي بالتكافؤ لحظة قبل أن ينتقل ميزان القوى لتصبح السيطرة للفتاة التي عرفنا أنها قاتلة محترفة قبل أن تصارحه أنها وضعت له السم في الكأس الذي تجرعه.
المفارقة تقنية تم توظيفها كثيرًا في فن القصة القصيرة، وربما ذلك ما جعلها مناسبة تماما لفيلم قصير ناجح.
المفارقة تقنية تم توظيفها كثيرًا في فن القصة القصيرة، وربما ذلك ما جعلها مناسبة تماما لفيلم قصير ناجح.
أحمد صلاح الدين طه
14 فبراير 2024
14 فبراير 2024
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق